وضاق جبل بمجلسه، فقام، ثم سار بخطوات ثابتة نحو باب البهو. ووقفت هدى ولكن ذراع الأفندي حالت دون تحركها. وسرعان ما اختفى جبل. وفي الخارج هبت ريح تحركت بها الستائر واصطفقت مصاريع نوافذ. وامتلأ جو البهو بتوتر وانقباض. وقال زقلط بهدوء: ينبغي أن نعمل.
ولكن هدى قالت بإصرار وعصبية ينذران بالعناد: كلا، حسبهم الآن الحصار، وحذار أن يمس جبل بشر.
لم يغضب زقلط؛ إذ إنه لم يهضم بعد ما أحرز من فوز، ورفع إلى الناظر عينا متسائلة.
فقال الأفندي وهو يبدو كمن يتمصص ليمونة: سنعود إلى الحديث مرة أخرى.
32
ألقى جبل نظرة وداع على الحديقة والمنظرة فتذكر مأساة أدهم التي ترويها الرباب كل مساء. واتجه نحو الباب فوقف له البواب وهو يتساءل: ماذا يدعوك إلى الخروج ثانية يا سيدي؟
فقال جبل بامتعاض: إني ذاهب بلا عودة يا عم حسنين!
ففغر الرجل فاه وجعل ينظر إليه مليا في انزعاج ثم غمغم متسائلا: بسبب آل حمدان؟
فأحنى جبل رأسه صامتا، فعاد البواب يقول: من يصدق هذا؟ كيف تسمح به الهانم؟ يا رب السماوات! وكيف تعيش يا بني؟
فعبر جبل عتبة الباب مرسلا بصره إلى الحارة المكتظة بالناس والحيوان والقاذورات وهو يقول: كما يعيش أهل حارتنا. - لم تخلق لهذا.
Unknown page