فقالت تمر حنة بامتعاض: الله يسامحك يا ست هانم، الحق على جدنا الذي أغلق على نفسه الأبواب.
فرفع دعبس رأسه وصاح بصوت الرعد: يا جبلاوي! تعال شف حالنا، تركتنا تحت رحمة من لا رحمة لهم.
دوى الصوت قويا حتى خيل إلى البعض أنه سيبلغ الجد في بيته. ولكن الأفندي صاح مرتعش النبرات من الحنق: اخرجوا، اخرجوا دون تردد.
وقال حمدان بضيق: هيا بنا.
وتحول عن موقفه ومضى نحو الباب. وأخذوا يتبعونه صامتين. حتى دعبس تبعه. لكنه رفع رأسه مرة أخرى وصاح بالقوة نفسها: يا جبلاوي!
27
دخل الأفندي البهو مصفر الوجه من الغضب فوجد زوجه واقفة مقطبة، فقالت: حركة غريبة لها ما بعدها، ستكون حديث الحارة كلها، وإذا تهاونا في الأمر فقل علينا السلام.
فقال الأفندي بتقزز: رعاع أبناء رعاع ويطمعون في الوقف، من ذا الذي يستطيع أن يعرف أصله في حارة مثل خلية النحل؟ - احسم الأمر، ادع زقلط ودبر أمرك، زقلط يقاسمنا الريع دون أن يفعل شيئا فدعه يحلل ما ينهب من أموالنا.
فحدجها الأفندي بنظرة طويلة، ثم تساءل: وجبل؟!
فقالت بطمأنينة وثقة: جبل؟! إنه ربيبنا، بل هو ابني، لم يعرف من الدنيا إلا بيتنا، أما آل حمدان فلا يعرفهم ولا يعرفونه، ولو كانوا يعدونه منهم؛ لتشفعوا به إلينا، اطمئن من ناحيته، وسوف يعود من جولته بين المستأجرين فيحضر الاجتماع.
Unknown page