ثم وهو يتثاءب بدرجة أعلى: العمل لعنة!
فقالت بصوت هامس: ربما، ولكنها لعنة لا تزول إلا بالعمل!
12
وذات ليلة استيقظ أدهم على تأوهات عميقة. ولبث وهو بين النوم واليقظة حتى تبين صوت أميمة وهي تتوجع هاتفة: «آه يا ظهري ... آه يا بطني!» فجلس من فوره وهو يحملق صوبها، ثم قال: هذا حالك هذه الأيام ثم ينجلي عن لا شيء، أشعلي الشمعة.
فقالت وهي تئن: أشعلها بنفسك، هذه المرة جد.
فقام يتحسس موضع الشمعة بين أدوات الطهي حتى عثر عليها، فأشعلها، وثبتها على الطبلية، فبدت أميمة على الضوء الخافت جالسة متكئة على ساعديها، تئن، وترفع رأسها؛ لتتنفس بصعوبة ظاهرة. وقال الرجل بقلق: هذا ما تظنينه كلما شعرت بوجع.
فقالت بوجه متقلص: كلا، أنا متأكدة أن هذه المرة جد.
وساعدها حتى أسند ظهرها إلى جدار الكوخ، ثم قال: هو شهرك على أي حال . تجلدي حتى أذهب إلى الجمالية لأحضر لك الداية. - صحبتك السلامة. ما الوقت الآن؟
مضى أدهم خارج الكوخ، وجعل ينظر إلى السماء، ثم قال: الفجر قريب، لن أغيب إلا مسير الطريق.
واندفع يسير على عجل نحو الجمالية. ثم عاد يشق الظلام وهو قابض على يد الداية العجوز ليهديها السبيل. وعند اقترابه من الكوخ ترامى إليه صراخ أميمة الذي مزق السكون، فخفق قلبه وأوسع خطاه حتى تشكت الداية. ودخلا الكوخ معا، فخلعت المرأة ملاءتها وهي تقول لأميمة ضاحكة: جاء الفرج، وما بعد الصبر إلا الراحة.
Unknown page