Awail Kharif
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
Genres
توقفت أوليفيا للحظة لتتمنى ليلة سعيدة لموكب صغير من الضيوف ... يتألف من بنات آل بينجري اللاتي ارتدين فساتين متماثلة من التل الزهري؛ والآنسة بيركنز البدينة، التي كانت لديها أرقى مجموعة من الملابس المطرزة يدويا بمنطقة نيو إنجلاند؛ ورودني فيليبس، الذي كرس حياته لتربية كلاب من سلالة سبرينجر والذي يتصرف كرجل إنجليزي نموذجي؛ والسيد تيلني المسن، الذي اعتمدت ثروته على طواحين دورهام ولين وسالم؛ والأسقف سمولوود، ابن عم آل بينتلاند وسابين (وهو من تطلق عليه سابين «حواري الطبقة الأرستقراطية»). أثنى الأسقف على جمال ابنة أوليفيا وغازل سابين مغازلة صريحة. اندفعت السيارات من بين أيكات زهور البنفسج والليلك ومرت من جانبهما واحدة تلو الأخرى.
وعندما غادرت السيارات قالت سابين فجأة: «أي نوع من الرجال هيجينز هذا ... أقصد رئيس الإسطبلات لديك؟»
أجابت أوليفيا: «من نوع طيب. الأطفال مغرمون به جدا. لماذا تسألين؟» «أوه ... لا يوجد سبب معين على الإطلاق. تصادف أنه خطر على بالي الليلة لأنني لاحظته واقفا في الشرفة يتطلع إلى الحفل الراقص.» «كان خيالا فيما مضى ... خيالا ماهرا، على ما أعتقد، إلى أن صار وزنه ثقيلا أكثر من اللازم. إنه معنا منذ عشر سنوات. وهو شخص طيب موثوق به، وأحيانا يكون مضحكا جدا. والسيد بينتلاند يعتمد عليه في كل شيء ... لا يعيبه سوى تورطه مع الفتيات القرويات. يبدو أنه لا يقاوم بالنسبة إليهن ... وهو وغد عديم الأخلاق.»
أشرق وجه سابين فجأة، كما لو أنها توصلت إلى اكتشاف عظيم. وعلقت قائلة: «ظننت ذلك.» ثم سارت مبتعدة بغتة لتواصل عملية «الانغماس» في الحفل الراقص.
كانت قد سألت عن هيجينز لأن الرجل كان عالقا في دماغها، تاركا انطباعا غريبا ومربكا عكر صفو عقل عادة ما كان يتسم بالدقة والصفاء. لم تفهم لماذا ظل هو الأكثر حيوية وحضورا بين الموكب المبهرج لجميع الحاضرين للحفل الراقص. لقد كان دخيلا، خادما، يمر مرورا سريعا على الحفل، ومع ذلك كان - رجلا لم تكن قد لاحظته من قبل قط - ذو حضور قوي وواضح، طغى على الأمسية كلها.
كان قد تصادف أنها في وقت أبكر قليلا، بينما كانت واقفة في الكوة الجدارية ذات النافذة لغرفة المكتب ذات الجدران الخشبية الحمراء العتيقة، كانت قد ولت ظهرها للحفل الراقص للحظة، لتتطلع إلى الأهوار النائية والبحر، عبر المروج حيث يقف كل حجر وشجر وسياج نباتي في سكينة رائعة في صفاء ضوء القمر والأجواء اللطيفة لمنطقة نيو إنجلاند. وإذ أسرها الجمال الهادئ والمبهر للمروج والأهوار وكثبان الرمال البيضاء النائية، مستغرقة في ذكريات ترجع إلى ما قبل أكثر من عشرين سنة، وجدت نفسها تفكر قائلة: «لطالما كانت هكذا ... جميلة وقاسية وباردة وجرداء قليلا، كل ما في الأمر أنني لم أرها من قبل مطلقا. الآن فقط، بعدما عدت بعد عشرين عاما، أرى بلدتي كما هي بالضبط.»
ثم، بينما كانت تقف هناك وحيدة تماما، أدركت ببطء أن أحدا ما يراقبها. كانت ثمة حركة مفاجئة وسط زهور الليلك توارت قليلا وسط الظلال الداكنة الكثيفة ... وبحدة أعادت إليها الحركة الطفيفة للأوراق الوعي بالمكان الذي كانت توجد فيه وسبب وجودها هناك؛ وبعدما ركزت كل انتباهها، استطاعت أن تحدد جسما ذا قوام قصير وضئيل وممتلئ، ووجه شاحب يختلس النظر من بين الغصون، مراقبا الراقصين الذين كانوا يتحركون هنا وهناك داخل المنزل. أصابها المشهد بشعور مفاجئ بعدم الارتياح وقشعريرة واهنة سرت في جسدها، واختفيا على الفور حين تعرفت على وجه هيجينز الغريب الذي غزته التجاعيد قبل أوانها، سائس منزل عائلة بينتلاند. لا بد أنها كانت قد رأته عشرات المرات قبل ذلك، وكانت بالكاد تلاحظه، ولكنها الآن كانت تراه بوضوح مستنير، بطريقة جعلت وجهه وهيئته لا ينسيان.
كان يرتدي سروال ركوب الخيل الذي كان يرتديه دائما وقميصا قطنيا بلا أكمام كشف عن ذراعين قصيرتين مشعرتين مفتولتي العضلات. وبينما كان يقف في مكانه بدا بساقيه المقوستين الراسختين في الأرض وكأنه كائن يقف مترسخا بجذوره في التربة ... مثل شجرة التفاح العتيقة الواقفة في ضوء القمر تنثر آخر بتلاتها البيضاء فوق المرج المظلم. كان ثمة شيء مزعج في المشهد، كما لو (حسبما فكرت فيما بعد) أن حيوانا ذا قدرات عقلية متواضعة أخذ يراقبها دون علمها.
ثم فجأة عاد ينسل مبتعدا، خجلا، بين أغصان زهور الليلك ... مثل ظبي. •••
ابتسمت أوليفيا في سرها، بينما كانت تتابع سابين أثناء سيرها مبتعدة، وقد عرفت وجهتها. كانت سابين بصدد التوجه إلى غرفة المكتب العتيقة، وجالسة هناك في ركن، كانت ستتظاهر بأنها مهتمة بمطالعة آخر عدد لجريدة «ميركيور دي فرانس» أو إحدى جرائد الموضة، وطوال الوقت كانت ستشاهد وتسمع ما يدور، أثناء جلوس العجوزين جون بينتلاند والسيدة سومز المسكينة المحطمة يلعبان لعبة بريدج مع اثنين من أترابهما. كانت تعرف أن سابين كانت تريد أن تستكشف حياة العجوزين. لم تكن راضية مثل الآخرين في منزل عائلة بينتلاند بالاستمرار في التظاهر بأنه لم يكن هناك أي شيء بينهما مطلقا. أرادت أن تعرف أصل الحكاية، أن تعرف الحقيقة. كانت الحقيقة، دوما الحقيقة، هي ما يأسر لب سابين.
Unknown page