224

Atwal

الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم

Genres

قدم للعناية يريد أنه إذا وقع تقديم من البليغ يكفي ذلك القول؛ إذ لا خفاء في أن ما دعاه إلى الاهتمام أمر معتبر في البلاغة وحيث قال الشيخ: إنا لم نجدهم اعتمدوا في التقديم شيئا يجري مجرى الأصل غير العناية والاهتمام، لكن ينبغي أن يفسر وجه العناية بشيء ويعرف فيه معنى يريد أن صاحب علم المعاني ينبغي أن يفسره ليعلم المتعلم الكاسب للبلاغة الجهات المعتبرة عند البلغاء فلذلك جعل المصنف- اقتفاء للمفتاح- سبب التقديم الأهمية ثم فسر وجوهها بقوله (إما لأنه) ظاهره إما لأن المسند إليه (الأصل) وهو موجه لأن كل ما يذكر من غيره متطفل على ذكره ولبيانه ولتحصيل معرفته بالإحاطة بحاله وحينئذ يحتاج قوله (ولا مقتضي للعدول عنه) إلى تكلف بإرجاع الضمير إلى كونه الأصل حتى يكون المعنى ولا مقتضى للعدول عن كونه الأصل أي: عن مقتضاه وهو كونه أهم مما يتفرع عليه، لكن لا خفاء في جعله وسيلة إلى الأهمية الداعية إلى التقديم، وفي المفتاح إما لأن أصله التقديم ولا مقتضى للعدول عنه فلذا فسر الشارح المحقق: ضمير لأنه بتقديم المسند إليه، ولا يخفى أن كون تقديم المسند إليه الأصل بلا مقتضى عدول يوجب التقديم من غير أن يلاحظ أنه يوجب الأهمية وكأنه لهذا جعل الشيخ الاهتمام جاريا مجرى الأصل إذ نكتة تقديم لا يكون تحته نادرة ككون التقديم الأصل بلا اقتضاء العدول، ويمكن أن يقال: ملاحظة كون التقديم الأصل وعدم موجب العدول بجعل ذكره أهم وكون المسند إليه أو تقديمه الأصل ليس لكونه محكوما عليه بل لكونه مسندا إليه حتى يستحق التقديم في # الإنشائية أيضا وإنما قال: ولا مقتضى للعدول عنه لأنه لا تقدم مع مقتضى العدول، ولهذا لم يقدم الفاعل على الفعل؛ لأن كون المسند عاملا يقتضي العدول عن تقديم المسند إليه لأن مرتبة العامل قبل مرتبة المعمول.

فإن قلت: كيف يوجب كون المسند عاملا لتقديم المسند والعدول عن تقديم المسند إليه غايته أن يتعارض العاملية والأصل الذي في المسند إليه فلا بد من أمر آخر حتى يتم اقتضاء العدول، قلت: كون الفعل عاملا حال نفسه، وكون المسند إليه الأصل باعتبار مدلوله وما للشيء باعتبار نفسه أقوى مما له باعتبار مدلوله ولك أن تقول: إن المقتضى للعدول عن الأصل في الفاعل التباسه بالمبتدأ أو التباس العامل اللفظي بالعامل المعنوي أو التباس علامة الفاعلية بعلامة كون الشيء مبتدأ (وإما ليتمكن الخبر) أراد به الخبر في وقت ما سواء كان خبرا في الحال أو لا؛ ليشمل البيان تقديم المفعول الأول من باب علمت على الثاني نحو أن تقول: علمت الذي حارت البرية فيه حيوانا مستحدثا من جماد، ولا حاجة إلى التعميم لتناول خبر كان وخبر إن وخبر ما، ولا لأن الخبر يتناول الجميع كخبر المبتدأ لكن العبارة حينئذ على عموم المجاز لأن تسمية المفعول الثاني خبرا مجاز وتسمية البواقي حقيقة- ولو قال وإما ليتمكن المسند لكان واضحا إلا أنه أراد التنبيه على أن المسند في باب تقديم المسند إليه ما سوى مسند الفاعل في ذهن السامع (لأن في المبتدأ) الحاجة ماسة إلى تعميم المبتدأ أكثر مما سبق في الخبر والتشويق في تقديم المبتدأ إذ لو قدم الخبر فلا تشويق في المبتدأ المتأخر إليه فالأولى «لأن في تقديم المسند إليه» (تشويقا إليه) كما في المفتاح.

وفيه أن كون التقديم مشوقا إلى الخبر يدعو إلى التقديم لا إلى كونه أهم حتى يصح تفسير وجه الاهتمام به وقد هديت في قطع هذه المسافة، والتشويق إنما يتكامل بتطويل المسند إليه؛ ولذا قيل حتى الكلام تطويله وإنما يتمكن الخبر حين سماعه بعد التشويق؛ لأن حصول الشيء المترقب بعض الشوق ألذ وأوقع في النفس وإنما قيدنا الشيء بالمترقب لئلا ينافي ما يقال إن حصول نعمة غير مترقبة ألذ وهو كرزق من حيث لا يحتسب (كقوله) أي: أبي العلاء المعري من قصيدة يرثي بها فقيها حنفيا: - # والذي حارت البرية فيه ... حيوان مستحدث من جماد (¬1)

Page 367