أو لبعض الأنبياء عليهم السلام كالتي تقدمت وليس كذلك، وإنما سمي بمسجد الأقدام لأن مروان بن الحكم لما دخل مصر وصالح أهلها وبايعوه امتنع من بيعته ثمانون رجلا من المعافر سوى غيرهم، وقالوا: لا ننكث بيعة ابن الزبير، فأمر مروان بقطع أيديهم وأرجلهم وقتلهم على بئر المعافر في هذا الموضع فسمي المسجد بهم؛ لأنه بني على آثارهم والآثار الأقدام، يقال: جئت على قدم فلان أي أثره، وقيل: بل أمرهم بالبراءة من علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يتبرءوا منه فقتلهم هناك، وقيل: سمي مسجد الأقدام لأن قبيلتين اختلفتا فيه، كل تدعي أنه من خطتها، فقيس ما بينه وبين كل قبيلة بالأقدام وجعل لأقربهما منه، وقيل: إنما سمي مسجد الأقدام لأنه كان يتداوله العباد، وكانت حجارته كذانا فأثر فيها مواضع أقدامهم، كذا في خطط المقريزي. قلنا: وإنما أثرت أقدمهم فيه لأن الكذان من الحجارة الرخوة، ولما شرع السلطان الملك المؤيد شيخ في بناء جامعه داخل باب زويلة، ونقل إليه العمد وألواح الرخام من الدور والمساجد، هدم هذا المسجد لذلك، وفي تحفة الأحباب للسخاوي أنه كان من المساجد السبعة التي بالقرافة المجاب عندها الدعاء، وكان واسع الفناء عالي البناء مرتفعا عن الأرض يصعد إليه من درج، وكانت العامة تزعم أنه به قبر آسية امرأة فرعون، وتسمى الموضع بها وليس بثابت، ولم يزل عامرا حتى أنشأ السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ مدرسته داخل باب زويلة من القاهرة فحسنوا له خرابه، وقالوا له: هذا في وسط الخراب فصار كوما من جملة الكيمان التي هناك.
آراء العلماء في آثار القدم النبوية الشريفة
من الذين أنكروا صحة ذلك وذكروا أن لا أصل ولا سند لما ورد فيه الإمام أحمد بن تيمية في فتاواه، ونقله عنه تلميذه الإمام ابن القيم، والإمام السيوطي في فتاواه ، والعلامة ابن حجر الهيثمي في فتاواه مؤيدا لفتوى السيوطي وفي شرحه للهمزية، حيث ذكر أن من روى هذا الخبر من أصحاب الخصائص رواه بلا سند، والحافظ محمد بن يوسف الشامي تلميذ السيوطي في سيرته النبوية «سبل الهدى والرشاد»، وقال في فتوى شيخه: وناهيك باطلاع الشيخ، وقد راجعت الكتب التي ذكرها في آخر الكتاب فلم أر ذلك، فشيء لا يوجد في كتب الحديث والتواريخ كيف تصح نسبته لرسول الله
صلى الله عليه وسلم . ا.ه. وقال المقري في فتح المتعال: وممن أنكره الإمام برهان الدين الناجي الدمشقي وجزم بعدم وروده. ا.ه. ومنهم الشمس العلقمي، والعلامة عبد الرءوف المناوي: والعلامة محمد الشوبري قدوة الشافعية فيما كتبه على المواهب اللدنية، والعلامة علي الأجهوري المالكي في شرح ديباجة مختصر المالكية على ما ذكره عنهم ابن العجمي في تنزيه المصطفى المختار، والعلامة محمد الزرقاني فيما كتبه على المواهب اللدنية، والعلامة أحمد المقري في فتح المتعال، ومن المتأخرين العلامة داود القلعي على ما حكاه عنه الفاسي في رحلته، ومن أصحاب الرحل أبو سالم العياشي وأبو العباس أحمد الدرعي وأبو العباس أحمد الفاسي، غير إنهم قالوا بأنه وإن لم يصح فيزار بحسن النية لنسبته في الجملة للمقام النبوي، والعلامة أحمد الشهير بابن العجمي في رسالته تنزيه المصطفى المختار التي قدمنا ذكرها، وقطب الدين الحنفي في «الإعلام بأعلام بيت الله الحرام»، غير أن كلامه خاص بأثر المرفق فذكر أنه لم ير في كلام أحد من المؤرخين من حقق ما يقال عنه، والعلامة محمد الحفني الكبير في حاشيته على شرح ابن حجر الهيثمي على الهمزية في قول الناظم:
أو بلثم التراب من قدم لا
نت حياء من مسها الصفواء
وقول ابن حجر عنه: «هذا الذي ذكره الناظم ذكره غيره ممن تكلم على الخصائص لكن بلا سند» فإنه علق عليه بقوله: «قوله بلا سند في فتاوى الشارح
18
هل ورد أنه
صلى الله عليه وسلم
Unknown page