9
وهو رباط عظيم بناه على مفاخر عظيمة وآثار كريمة أودعها فيه وهي قطعة من قصعة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
والميل الذي كان يكتحل به والدرفش
10
وهو الإشفي الذي كان يخصف به نعله، ومصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي بخط يده (رضي الله عنه)، ويقال: إن الصاحب اشترى ما ذكرناه من الآثار الكريمة النبوية بمائة ألف درهم، وبنى الرباط وجعل فيه الطعام للوارد والصادر والجراية لخدام تلك الآثار الشريفة. نفعه الله تعالى بقصده المبارك» ا.ه.
فائدة
إنما خرج ابن بطوطة إلى الصعيد لأنه أراد أن يسلك في حجه طريق صحراء عيذاب، كما سلكها قبله ابن جبير في القرن السادس، فلم يتيسر له الحج منها كما تيسر لابن جبير لفتنة كانت قائمة بعيذاب منعته من ركوب البحر منها إلى جدة، فعاد أدراجه إلى القاهرة، وقد أقام حجاج مصر والمغرب زيادة عن مائتي سنة يسافرون إلى الحجاز من هذه الطريق فكانوا يركبون السفن في النيل من ساحل الفسطاط إلى قوص، ثم يعبرون هذه الصحراء على الإبل إلى عيذاب (بكسر العين المهملة أو فتحها) وهي بلدة على بحر القلزم المسمى الآن بالبحر الأحمر، ثم يركبون منها إلى جدة سفنا تسمى الجلاب وواحدتها جلبة، وكذلك تجار الهند واليمن والحبشة كانوا يردون مصر بمتاجرهم من هذه الطريق، ولم تزل مسلكا للحجاج في ذهابهم وإيابهم من سنة بضع وخمسين وأربعمائة إلى سنة بضع وستين وستمائة، وذلك منذ الشدة العظيمة زمن المستنصر الفاطمي وانقطاع الحج في البر إلى أن كسا الظاهر بيبرس الكعبة وأخرج قافلة الحاج في البر من الطريق القديمة المسلوكة إلى أيلة وغيرها، فقل سلوك الحجاج لهذه الصحراء واستمرت المتاجر تحمل فيها حتى بطل ذلك بعد سنة 760، وكان أمر هذه الجلاب غريبا لأن ألواحها لم تكن تضم بالمسامير كما في سائر السفن، بل كانت تخاط بأمراس تفتل من قشر جوز الهند المسمى بالنرجيل وتعمل لها قلوع من حصر منسوجة من خوص شجر المقل وهو الدوم، وقد فصلنا الكلام عليها في رسالة لنا في السفن الإسلامية وأسمائها، أعاننا الله على إتمامها.
عود إلى رباط الآثار
وذكره السيوطي في حسن المحاضرة بما نصه: «رباط الآثار بالقرب من بركة الحبش عمره الصاحب تاج الدين ابن الصاحب فخر الدين ابن الصاحب بهاء الدين ابن حنا وفيه قطعة خشب وحديد وأشياء أخر من آثار رسول الله
Unknown page