148

Athar Misriyya Fi Adab Carabi

الآثار المصرية في الأدب العربي

Genres

ويفصل شوقي بعدئذ ما عثر عليه في ذلك القبر من ذهب لم تذهب السنون ببريقه الوهاج، وقد صنعت أيدي القيون من هذا الذهب صفائح وسبائك وتوابيت متوهجة لا يتخذها الموتى. ولو أنهم فطنوا لهذه النواويس لمضوا ينبشون عنها، وحاول كل واحد أن تكون له. وقد فصل الكفن برقائق من الذهب، وقد لفه في رفق محنط رزين رفيق، كما يلف الطبيب الضماد في حنان، كما تحنو الكمائم على أوراق الورد.

وبدا القبر مزخرفا بالصور والصحف والتماثيل الرائعة، فيخيل إليك أنك في معبد للأصنام، وترى الصور تمثل لك الحركة، وتعبر لك في وضوح عما تريد، وقد مرت عليها عصور تلو عصور، ودهانها غض برغم الزمن المتطاول، حي لم تمته القرون. لقد خدع العيون فظنته حديث العهد، ومضت الأيدي تتلمسه لتتأكد من حياته وغضارته.

إن مظاهر الحياة تحيط بالملك في قبره، فصور غلمان القصر تجسمهم أمام أعيننا كأنهم لا يزالون يزاولون الصيد ويناولونك السهام، وكأن البوق يدوي صوته في الفضاء، والسهام والأقواس ترن، وكلاب الصيد تلهث لطول جريها، والخيل تجري في جنون، والوحش ينفر بين يديك يجري في السهول، وحينا يثب الجبال، والطير يئن من جراحه.

وكأن الناس قد اجتمعوا إليك من كل فج ، وكأننا لا نزال نعيش في عهد الفراعنة. ولننصت إلى هذا الشعر الذي يصور في قوة وروعة تلك الآثار الدفينة في هذا القبر، فيقول:

ذهب ببطن الأرض لم

تذهب بلمحته القرون

استحدثت لك جندلا

وصفائحا منه القيون

53

ونواوسا وهاجة

Unknown page