Athar Bilad
آثار البلاد وأخبار العباد
Publisher
دار صادر
Publisher Location
بيروت
أن زوجة الأمير في نكاح القاتل، وأخذ دار الأمير غصبًا جعلها مسجدًا، فلما سلم رآه الأمير فعرفه فله قتله وأخذ منكوحته منه، وجلد الذين شهدوا زورًا، ورد المسجد دارًا كما كانت.
فقال الرشيد: لله درك يا ابن ادريس ما أفطنك! وأمر له بألف دينار وخلعة، فخرج الشافعي من مجلس الخليفة يفرق الدنانير في الطريق قبضة قبضة، فلما انتهى إلى منزله لم يبق معه إلا قبضة واحدة أعطاها لغلامه.
وحكى أبو عبد الله نصر المروزي قال: كنت قاعدًا في مسجد رسول الله، ﵇، إذ أغفيت إغفاءة فرأيت رسول الله، ﷺ، في المنام فقلت له: اكتب يا رسول الله رأي أبي حنيفة؟ قال: لا! قلت: اكتب رأي مالك؟ قال: اكتب ما وافق حديثي! قلت: اكتب رأي الشافعي؟ طأطأ رأسه شبه الغضبان وقال: هو رد على من خالف سنتي! فخرجت في إثر هذه الرؤيا إلى مصر وكتبت كتب الشافعي. وقال الربيع بن سليمان: قال لي الشافعي: رضى الناس غاية لا تدرك، فعليك بما يصلحك فإنه لا سبيل إلى رضاهم. واعلم أن من تعلم القرآن جل عند الناس، ومن تعلم الحديث قويت حجته، ومن تعلم النحو هيب، ومن تعلم العربية رق طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن تعلم الفقه نبل قدره، ومن لم يصن لم ينفعه علمه، وملاك ذلك كله التقوى.
قال محمد بن المنصور: قرأت في كتاب طاهر بن محمد النيسابوري بخط الشافعي:
إنّ امرأً وجد اليسار فلم يصب ... حمدًا ولا شكرًا لغير موفّق
الجدّ يدني كلّ شيءٍ شاسعٍ ... والجدّ يفتح كلّ بابٍ مغلق
وإذا سمعت بأنّ مجدودًا حوى ... عودًا فأثمر في يديه فصدّق
وإذا سمعت بأنّ محرومًا أتى ... ماءً ليشربه فغاض فحقّق
1 / 231