Al-Tawḍīḥ al-Rashīd fī sharḥ al-tawḥīd
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Genres
بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوْتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيْدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيْدًا وَإِذَا قِيْلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُوْلِ رَأَيْتَ المُنَافِقِيْنَ يَصُدُّوْنَ عَنْكَ صُدُوْدًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيْبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِمْ ثُمَّ جَاءُوْكَ يَحْلِفُوْنَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيْقًا﴾ (النِّسَاء:٦١).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِذَا قِيْلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُوْنَ﴾ (البَقَرَة:١١).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوْهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيْبٌ مِنَ المُحْسِنِيْنَ﴾ (الأَعْرَاف:٥٦).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُوْنَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوْقِنُوْنَ﴾ (المَائِدَة:٥٠).
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُوْنَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ). قَالَ النَّوَوِيُّ: (حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الحُجَّةِ (١) بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ). (٢)
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: (كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ المُنَافِقِيْنَ وَرَجُلٍ مِنَ اليَهُوْدِ خُصُوْمَةٌ، فَقَالَ اليَهُوْدِيُّ: نَتَحَاكَمُ إِلَى مُحَمَّدٍ - عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الرِّشْوَةَ -، وَقَالَ المُنَافِقُ: نَتَحَاكَمُ إِلَى اليَهُوْدِ - لَعَلِمَهُ أَنَّهُمْ يَأْخُذُوْنَ الرِّشْوَةَ - فَاتَّفَقَا أَنْ يَأْتِيَا كَاهِنًا فِي جُهَيْنَةَ فَيَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ﴾ الآيَة). (٣)
وَقِيْلَ: (نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: نَتَرَافَعُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَقَالَ الآخَرُ: إِلَى كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، ثُمَّ تَرَافَعَا إِلَى عُمَرَ، فَذَكَرَ لَهُ أَحَدُهُمَا القِصَّةَ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يَرْضَ بِرَسُوْلِ اللهِ ﷺ: أَكَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ). (٤)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ آيَةِ النِّسَاءِ وَمَا فِيْهَا مِنَ الإِعَانَةِ عَلَى فَهْمِ الطَّاغُوْتِ.
الثَّانِيَةُ: تَفْسِيْرُ آيَةِ البَقَرَةِ ﴿وَإِذَا قِيْلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُوْنَ﴾.
الثَّالِثَةُ: تَفْسِيْرُ آيَةِ الأَعْرَافِ ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ﴾.
الرَّابِعَةُ: تَفْسِيْرُ ﴿أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ﴾.
الخَامِسَةُ: مَا قَالَ الشَّعْبِيُّ فِي سَبَبِ نُزُوْلِ الآيَةِ الأُوْلَى.
السَّادِسَةُ: تَفْسِيْرُ الإِيْمَانِ الصَّادِقِ وَالكَاذِبِ.
السَّابِعَةُ: قِصَّةُ عُمَرَ مَعَ المُنَافِقِ.
الثَّامِنَةُ: كَوْنُ الإِيْمَانِ لَا يَحْصُلُ لِأَحَدٍ حَتَّى يَكُوْنَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُوْلُ ﷺ.
(١) كِتَابُ (الحُجَّةُ عَلَى تَارِكِ المَحَجَّةِ) لِلشَّيْخِ أَبِي الفَتْحِ؛ نَصْرِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيِّ الشَّافِعِيِّ، الفَقِيْهِ الزَّاهِدِ نَزيْلِ دِمَشْقَ، تَضَمَّنَ كِتَابُهُ ذِكْرَ أُصُوْلِ الدِّيْنِ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الحَدِيْثِ وَالسُّنَّةِ، (ت ٤٩٠ هـ). جَامِعُ العُلُوْمِ وَالحِكَمِ (٣٩٣/ ٢)، وَاُنْظُرِ السِّيَرَ لِلذَّهَبِيِّ (١٣٦/ ١٩).
(٢) الأَرْبَعُوْنَ النَّوَوِيَّةُ (ص١١٣).
وَالحَدِيْثُ ضَعِيْفٌ، ضَعَّفَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي ظِلَالِ الجَنَّةِ (١٥).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (جَامِعُ العُلُوْمِ وَالحِكَمِ) (٢٩٤/ ٢): (تَصْحِيْحُ هَذَا الحَدِيْثِ بَعِيْدٌ جِدًّا مِنْ وُجُوْهٍ؛ مِنْهَا: أَنَّهُ حَدِيْثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ المَرْوَزِيُّ).
وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن ﵀ فِي شَرْحِ الأَرْبَعِيْنَ النَّوَوِيَّةِ (ص٣٩٥): (مَعْنَى الحَدِيْثِ - بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ إِسْنَادِهِ - صَحِيْحٌ).
(٣) صَحِيْحٌ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٣٧/ ٥): (رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي تَفْسِيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: ...).
(٤) صَحِيْحٌ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٣٧/ ٥): (وَقَدْ رَوَى الكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيْرِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ المُنَافِقِيْنَ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُوْدِيٍّ خُصُوْمَةٌ؛ فَقَالَ اليَهُوْدِيُّ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مُحَمَّدٍ، وَقَالَ المُنَافِقُ: بَلْ نَأْتِي كَعْبَ بْنَ الأَشْرَفِ، فَذَكَرَ القِصَّةَ، وَفِيْهِ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ المُنَافِقَ؛ وَأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ نُزُوْلِ هَذِهِ الآيَاتِ؛ وَتَسْمِيَةِ عُمَرَ الفَارُوقَ، وَهَذَا الإِسْنَادُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيْفًا لَكِنْ تَقَوَّى بِطَرِيْقِ مُجَاهِدٍ).
1 / 324