315

Al-Tawḍīḥ al-Rashīd fī sharḥ al-tawḥīd

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Genres

- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيْدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيْهَا وَهُمْ فِيْهَا لَا يُبْخَسُوْنَ، أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيْهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُوْنَ﴾ (هُوْد:١٦) هَذِهِ الآيَةُ مَخْصُوْصَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيْدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيْهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيْدُ﴾ (الإِسْرَاء:١٨) أَيْ: لِمَنْ شَاءَ وبِمَا شَاءَ سُبْحَانَهُ. (١)
- مِنَ الأَمْثِلَةِ الَّتِيْ تُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ إِرَادَةِ الإِنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا:
أَنْ يُرِيْدَ المَالَ، كَمَنْ أَذَّنَ لِيَأْخُذَ رَاتِبَ المُؤَذِّنِ، أَوْ حَجَّ لِيَأْخُذَ المَالَ.
أَنْ يُرِيْدَ المَرْتَبَةَ، كَمَنْ تَعَلَّمَ فِي كُلِّيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ لِيَأْخُذَ الشَّهَادَةَ؛ فَتَرْتَفِعَ مَرْتَبَتُهُ.
أَنْ يُرِيْدَ دَفْعَ المَصَائِبِ وَالأَمْرَاضِ عَنْهُ؛ كَمَنْ يَعْبُدُ اللهَ كَيْ يَجْزيَهُ اللهُ بِهَذَا فِي الدُّنْيَا بِمَحَبَّةِ الخَلْقِ لَهُ وَدَفْعِ السُّوْءِ عَنْهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
- (القَطِيْفَةُ): كِسَاءٌ لَهُ خَمْلٌ، وَهِيَ بِمَعْنَى الخَمِيْلَةِ.
- سُمِّيَ الرَّجُلُ عَابِدًا لِلدِّرْهَمِ وَالدِّيْنَارِ لِأَنَّهَا هِيَ المَقْصُوْدَةُ بِعَمَلِهِ وَهِمَّتِهِ، بِعَكْسِ مَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ مُنْصَرِفَةً لِابْتِغَاءِ الدَّارِ الآخِرَةِ.
- قَوْلُهُ (تَعِسَ وَانْتَكَسَ): تَعِسَ: خَابَ وَهَلَكَ، وَانْتَكَسَ: انْتَكَسَتْ عَلَيْهِ الأُمُوْرُ بِحَيْثُ لَا تَتَيَسَّرُ لَهُ، فَكُلَّمَا أَرَادَ شَيْئًا انْقَلَبَتْ عَلَيْهِ الأُمُوْرُ خِلَافَ مَا يُرِيْدُ.
- قَوْلُهُ (طُوْبَى): مِنَ الطِّيْبِ، وَهِيَ اسْمُ تَفْضِيْلٍ، وَيُقَالُ (أَطْيَبُ) لِلمُذَكَّرِ وَطُوْبَى لِلمُؤَنَّثِ، وَالمَعْنَى: أَطْيَبُ حَالٍ تَكُوْنُ لِهَذَا الرَّجُلِ، وَفِي الحَدِيْثِ (طُوْبَى شَجَرَةٌ فِي الجَنَّةِ مَسِيْرَةَ مائَةَ عَامٍ؛ ثِيَابُ أَهْلِ الجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا). (٢)
- فِي قَوْلِهِ (إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ ... وَإنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ): ذِكْرٌ مَمْدُوحٌ لِصِفَاتِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَهِيَ:
١) بَيَانُ ائْتِمَارِهِ بِمَا أُمِرَ طَالَمَا أَنَّهُ فِي سَبيْلِ اللهِ. (٣)
٢) قِيَامُهُ بِعَمَلِهِ عَلَى أَحْسِنِ وَجْهٍ.
وَالتَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ (إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ) أُسْلُوْبٌ مِنَ أَسَالِيْبِ العَرَبِ فِي بَيَانَ تَحَقُّقِ الشَّيْءِ وَوُقُوْعِهِ عَلَى وَجْهِهِ.
٣) عَدَمُ سَعْيِهِ خَلْفَ ثَنَاءِ النَّاسِ، فَالسَّاقَةُ - وَهِيَ فِي مُؤَخِّرَةُ الجَيْشِ - لَا يُتَفَطَّنُ لِصَاحِبِهَا أَنَّهُ فِي جِهَادٍ؛ بِخِلَافِ مُقَدَّمِ الجَيْشِ، فَهَذَا الرَّجُلُ بَعِيْدٌ عَنِ الرِّيَاءِ.
- قَوْلُهُ (إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ): أَيْ: لَيْسَ لَهُ جَاهٌ وَلَا شَرَفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّه لَيْسَ مِنْ طُلَّابِهَا، فَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَفَاعَةٌ عِنْدَ أَحَدٍ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ عِنْدَهُم، كَمَا فِي حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا (رُبَّ أشْعَثَ مَدْفُوْعٍ بِالأَبْوَابِ؛ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ). مُسْلِمٌ. (٤)

(١) وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيْدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيْدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيْبٍ﴾ (الشُّوْرَى:٢٠).
(٢) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (١١٦٧٣) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (١٩٨٥).
(٣) قَالَ العَيْنِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (عُمْدَةُ القَارِي) (١٧٢/ ١٤): (وَالسَّاقَةُ مُؤَخِّرَةُ الجَيْشِ، وَالمَعْنَى: إِيْتِمَارُهُ لِمَا أُمِرَ وَإِقَامَتُهُ حَيْثُ أُقِيْمَ، لَا يُفْقَدُ مِنْ مَكَانِهِ بِحَالٍ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ الحِرَاسَةُ وَالسَّاقَةُ؛ لِأَنَّهُمَا أَشَدُّ مَشَقَّةً وَأَكْثَرُ آفَةً، الأَوَّلُ عِنْدَ دُخُوْلِهِم دَارَ الحَرْبِ، وَالآخَرُ عِنْدَ خُرُوْجِهِم مِنْهَا).
(٤) مُسْلِمٌ (٢٦٢٢).

1 / 315