195

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Genres

- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ: (وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّيْنَ) يُشْكِلُ مَعَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ مِنْ نُزُوْلِ عِيْسَى بْنِ مَرْيَمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ يَأْتِي بِتَشْرِيْعٍ جَدِيْدٍ؛ كَوَضْعِ الجِزْيَةِ وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الإِسْلَامَ؟ (١)
وَالجَوَابُ: أَنَّ نُبُوَّتَهُ سَابِقَةٌ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَلَكِنَّهُ يَأْتِي عَامِلًا بِشَرِيْعَةِ النَّبِيِّ ﷺ؛ وَلَيْسَ بِالإِنْجِيْلِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ هُوَ كَمَا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟)، فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (٢): إِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ حَدَّثَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ)! قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: (تَدْرِي مَا أَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟) قُلْتُ: تُخْبِرُنِي، قَالَ: (فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ ﵎، وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ. (٣)
وَأَمَّا كَوْنُهُ يَضَعُ الجِزْيَةَ (٤) وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الإِسْلَامَ، فَلَيْسَ تَشْرِيْعًا جَدِيْدًا مِنْهُ، بَلْ هُوَ تَشْرِيْعٌ مِنْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ؛ لِأَنَّه أَخْبَرَ بِهِ مُقَرِّرًا لَهُ، وَلِذَلِكَ لَا يُسَمَّى أَتْبَاعُهُ حِيْنَهَا بِالنَّصَارَى.

(١) البُخَارِيُّ (٢٢٢٢)، وَمُسْلِمٌ (١٥٥).
(٢) الرَّاوي عَنْهُ هُوَ الوَلِيْدُ بْنُ مُسْلِمٍ.
(٣) صَحِيْحُ مُسْلِمٍ (١٥٥).
(٤) قَوْلُهُ (وَيَضَعُ الجِزْيَةَ):) الصَّوَابُ فِي مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا، وَلَا يَقْبَلُ مِنَ الكُفَّارِ إِلَّا الإِسْلَامَ، وَمَنْ بَذَلَ مِنْهُمُ الجِزْيَةَ لَمْ يَكُفَّ عَنْهُ بِهَا؛ بَلْ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الإِسْلَامَ أَوِ القَتْلَ. هَكَذَا قَالَهُ الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ العُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى). قَالَهُ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (١٩٠/ ٢).

1 / 195