130

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Genres

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) هَلِ الاسْتِشْفَاعُ إِلَى اللهِ بِالمَخْلُوْقِ هُوَ نَفْسُهُ التَّوَسُّلُ بِالمَخْلُوْقِ عِنْدَ اللهِ؟ الجَوَابُ: لَا، فَالأوَّلُ هُوَ سُؤَالٌ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَهُوَ شِرْكٌ أَكْبَرٌ؛ وَعَلَيْهِ نُصُوْصُ البَابِ. أَمَّا الثَّانِي فَهُوَ سُؤَالٌ للهِ تَعَالَى بِطَرِيْقَةٍ بِدْعِيَّةٍ، وَهُوَ مِنَ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ مِنْ وَسَائِلِ الشِّرْكِ - أَيْ: يُفْضِي إِلَى الشِّرْكِ - وَالدُّعَاءُ بِهَيْئَةٍ لَمْ تَرِدْ فِي الشَّرِيْعَةِ يَكُوْنُ اعْتِدَاءًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِيْنَ﴾ (الأَعْرَاف:٥٥). (١) وَفِي الحَدِيْثِ عَنِ ابْنٍ لِسَعْدٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: (سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ وَنَعِيْمَهَا وَبَهْجَتَهَا وَكَذَا وكَذَا، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَسَلَاسِلِهَا وَأَغْلَالِهَا وَكَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: يَا بُنيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ يَقُوْلُ: (سَيَكُوْنُ قَوْمٌ يَعْتَدُوْنَ فِي الدُّعَاءِ)، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُوْنَ مِنْهُمْ. إِنْ أُعْطِيْتَ الجَنَّةَ أُعْطِيْتَهَا وَمَا فِيْهَا مِنَ الخَيْرِ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنَ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا فِيْهَا مِنَ الشَّرِّ). (٢)

(١) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (التَّوَسُّلُ) (ص١٣٣): (إِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِيْ يَحْمِلُ بَعْضَ العُلَمَاءِ وَالمُحَقِّقِينَ عَلَى المُبَالَغَةِ فِي إِنْكَارِ التَّوَسُّل بِذَوَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَاعْتِبَارِهِ شِرْكًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ نَفْسُهُ لَيْسَ شِرْكًا عِنْدَنَا، بَلْ يُخْشَى أَنْ يُؤَديَ إِلَى الشِّرْكِ). قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ الغُنَيْمَانُ حَفِظَهُ اللهُ فِي شَرْحِ بَابِ (مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِيْن) مِنْ شَرْحِهِ عَلَى كِتَابِ (فَتْحُ المَجِيْدِ) شَرِيْطُ رَقَم (١٢٨): (أَمَّا دَعْوَةُ اللهِ بِهِمْ كَأَنْ يَقُوْلَ: يَا رَبِّ! أَسْأَلُكَ بِوَلِيِّكَ الفُلَانِيِّ، أَوْ أَسْأَلُكَ بِنَبِيِّكَ، أَوْ أَسْأَلُكَ بِجِبْرِيْلَ، أَوْ أَسْأَلُكَ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ؛ فَهَذَا - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرْكًا - إِلَّا أَنَّهُ مِنَ البِدَعِ الَّتِيْ تَكُوْنُ طَرِيْقًا إِلَى الشِّرْكِ). قُلْتُ: وَكَذَا فِي مَجْمُوْعِ فَتَاوَى الشَّيْخِ ابْنِ بَازٍ ﵀ (٧/ ١٢٩). (٢) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (١٤٨٠). صَحِيْحُ الجَامِعِ (٢٣٩٧).

1 / 130