28
وكانت الساحة، سماء الندى وأرض السماحة؛ جنات وقصور، ونعيم وحبور، وعين حور، يطأن المسك والكافور؛ مرمر راع مسنونة بلقيس
29
الزمان، فكشفت عن ساقيها بين يدي سليمان.
الجمال
جمعت الطبيعة عبقريتها فكانت الجمال، وكان أحسنه وأشرفه ما حل في الهيكل الآدمي، وجاور العقل الشريف والنفس اللطيفة والحياة الشاعرة؛ فالجمال البشري سيد الجمال كله.. لا المثال البارع استطاع أن يخلعه على الدمى الحسان، ولا للنيرات الزهر في ليالي الصحراء ما له من لمحة وبهاء، ولا لبديع الزهر وغريبه في شباب الربيع ما له من بشاشة وطيب. وليس الجمال بلمحة العيون, لا ببريق الثغور، ولا هيف القدود، ولا أسالة الخدود، ولا لؤلؤ الثنايا وراء عقيق الشفاه، ولكن شعاع علوي يبسطه الجميل على بعض الهياكل البشرية، يكسوها روعة ويجعلها سحرا وفتنة للناس .
الأمومة
الأمومة هي رسالة المرأة على هذه الأرض، وشأنها الأول في الحياة، وهي حجر الأساس في الأسرة، وقواعد المجتمع وأركانه منذ قام إلى يوم ينفض. وفي الأمومة اجتمعت خلال البر ونوائب الحق وتبعات الواجب، وصور البطولة وفضائل الإيثار، ومواطن الصبر الجميل. وكأن الأمومة في البيت الملكة في الخلية أو العذراء في البيعة؛ فيا أيتها الفتاة المدلة بصباها، المزهوة بحسنها، المترقبة من ورائهما لذة الحب وفيض السعادة: اذكري أن الجمال حر طليق إلا من قيدين كلاهما أجمل منه: الشرف؛ والعفاف؛ إذا انسل منهما عثر في خطاه الأولى، وذوى في إبان النضرة. وسلي ذوات الشعر الأبيض ممن حولك من غواني أمس: هل دولة الحسن إلا كدولة الزهر، وهل عمر الصبا إلا أصيل أو سحر، وهل غير الأمومة تاج للمرأة تلبسه من مختلف الشعر ألوانا.
جمال الأمومة لمحة من جمال الحياة، وشعاع من عبقريتها، وهو أحفل أياما، وأطول مقاما، وأصدق أحلاما.
حب الأمومة أشهر وسنون، وبنات وبنون، وأشغال وشئون، ويبقى مع الثكل، ويتقد عند حشرجة الصدر، ولا ينطفئ إلا بانطفاء القلب.
Unknown page