Iʿānat al-mustafīd bi-sharḥ kitāb al-tawḥīd
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition
الطبعة الثالثة
Publication Year
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
Genres
فقال النبي ﷺ: "إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله".
ــ
المسلمين، يتلّمس معايب المسلمين، ينال من الرسول ﷺ، وينال من المؤمنين، ويتتبّع العثرات. فدلّ على أن إيذاء المسلمين من النفاق.
"فقال بعضهم" لم يسمّ القائل، وقد ورد في بعض الروايات أنه أبو بكر الصديق ﵁.
"قوموا بنا نستغيث برسول الله ﷺ" يعني: نستجير به، ونحتمي به "من هذا المنافق" ليردعه عنا ويكفّه عنا.
والنبي ﷺ استنكر هذه اللفظة، فقال: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يُستغاث بالله ﷿" مع أن الرسول ﷺ قادرًا على أن يَرْدَع هذا المنافق؟، وأن يُغيث المسلمين من شرّه؟، بلى، هذا من الاستغاثة الجائزة، لأنه استغاثة بالرسول ﷺ فيما يقدر عليه، لكن الرسول تأدُّبًا مع الله ﷾، وتعليمًا للمسلمين أن يتركوا الألفاظ التي فيها سوء أدب مع الله ﷿، وإن كانت جائزة في الأصل، فقال: "إنه لا يُستغاث بي" وهذا من باب التعليم وسدّ الذرائع لئلا يُتَطَرَّق من الاستغاثة الجائزة إلى الاستغاثة الممنوعة، فالرسول ﷺ منع من شيء جائز خوفًا أن يُفضي إلى شيء غير جائز، مثل ما منع من الصلاة عند القبور، والدعاء عند القبور، وإن كان المصلي والداعي لا يدعو إلاَّ الله، ولا يصلِّي إلاَّ لله، لكن هذا وسيلة من وسائل الشرك، كذلك هنا؛ فالرسول أنكر هذه اللفظة سدًّا للذرائع، وتعليماُ للمسلمين، أن يتجنّبوا الألفاظ غير اللائقة.
فإذا كان الرسول أنكر الاستغاثة به فيما يقدر عليه، فكيف بالاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله ﷾؟، وكيف بالاستغاثة بالأموات؟. هذا أشد إنكارًا.
وإذا كان الرسول ﷺ منع من الاستغاثة الجائزة به في حياته تأدُّبًا مع الله، فكيف بالاستغاثة به بعد وفاته ﷺ؟، وكيف بالاستغاثة بمن هو دونه من الناس؟. هذا أمر ممنوع ومحرّم. وهذا وجه استشهاد المصنف ﵀ بالحديث للترجمة.
إذًا فقول البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذًا ... بيدي فضلًا وإلاّ قل يا زلّة القدم
1 / 201