96

جاء عليها وقت كانت تمتلئ فيه إحباطا وقنوطا من مجرد سماع نبرة صوته وهو يقول: «رباط حذائك مفكوك.» بينما تسير أمامه. كانت نبرة صوته بمنزلة تحذير لها من أنهما انتقلا إلى عالم كئيب لا حدود فيه لخيبة الأمل، وازدراؤه يستحيل التصدي له. في نهاية المطاف كانت تتعثر، وتثور ثائرتها. كانا يعيشان أياما وليالي في قنوط شديد. ثم تنكسر الحواجز، ويلتئم الشمل، وتتعالى الضحكات، ويسود إحساس بالارتياح الحائر. هكذا كانت حياتهما. لم تستطع أن تفهم تلك الحياة حقا، أو تجزم بما إذا كانت كأي حياة يعيشها غيرها، لكن بدا أن فترات الهدوء تزداد طولا، والمخاطر تتراجع، ولم يخطر لها قط أنه كان بانتظار أن يلتقي شخصا كهذه المرأة الجديدة؛ ساندي، التي بدت له مختلفة ومرحة، تماما كما كانت جيل في فترة من الفترات. ولعل ذلك لم يخطر على بال ويل أيضا.

لم يكن لديه الكثير ليصرح به عن ساندي - ساندرا - التي جاءت إلى مدينة والي العام الماضي ضمن برنامج لتبادل الطلبة؛ لبحث كيفية تدريس مادة الدراما بالمدارس الكندية. قال إنها تنتمي إلى حركة «تركيا الفتاة» أو «الأتراك الشباب»، وبعدها قال إنها ربما حتى لم تسمع بهذا المسمى من قبل. وسرعان ما حدثت ضجة كبيرة بشأنها، وارتبط اسمها بالخطر. حصلت جيل على بعض المعلومات من مصادر أخرى؛ فقد علمت أن ساندي تحدت ويل على مرأى ومسمع من طلابه؛ قالت ساندي إن المسرحيات التي يريد تقديمها «ليست مناسبة»، أو ربما أنها «ليست ثورية الطابع».

قال أحد طلابه: «لكنها تروق له. لا شك أنها تروق له.»

لم تبق ساندي في المكان طويلا؛ فقد انطلقت لمتابعة طريقة تدريس مادة الدراما في مدارس أخرى، لكنها راسلت ويل، وربما رد ويل على رسائلها؛ لأنه اتضح أنهما وقعا في الحب. ويل وساندي ذابا عشقا، وبنهاية العام الدراسي تبعها ويل إلى أستراليا.

ذابا عشقا. عندما صرح لها ويل بذلك، كانت جيل تدخن الماريجوانا. عادت إلى تعاطي الماريجوانا مجددا؛ لأن حياتها مع ويل جعلتها عصبية جدا.

سألته جيل: «هل تعني أنني لست المسئولة؟ أتعني أنني لست سبب المشكلة؟»

تعاملت جيل مع الأمر باستهتار من فرط الارتياح الذي شعرت به، وهيمن عليها مزاج جريء وصاخب، فأربكت ويل فعاشرها.

في الصباح، حاولا أن يتجنبا التواجد في الغرفة نفسها معا، واتفقا على ألا يتراسلا. قال ويل ربما سيراسلها لاحقا، فأجابته أن «افعل ما يحلو لك.»

ولكن ذات يوم في بيت كليتا، رأت جيل خط يده على مظروف ترك لا محالة عن عمد في مكان تستطيع رؤيته. تركته كليتا؛ كليتا التي لم تنبس ببنت شفة عن الهاربين. كتبت جيل عنوان الرد: 16 طريق آير، توونج، بريسبين، كوينزلاند، أستراليا.

عندما رأت خط يد ويل أدركت كم أمسى كل شيء عبثا بالنسبة إليها؛ هذا البيت الذي يرجع إلى ما قبل العصر الفيكتوري في مدينة والي، والذي يفتقر إلى مساحة أمامية لائقة، والشرفة التي يحويها، والمشروبات، وشجرة كاتالبا التي طالما تطلعت إليها في الساحة الخلفية لبيت كليتا؛ كل الأشجار والشوارع في مدينة والي، وكل مناظر البحيرة التي تشعر المرء بالحرية، والسلوى التي تجدها في المحل؛ قصاصات لا قيمة لها، أشياء مستعارة وأدوات مساعدة. المشهد الحقيقي كان خفيا عليها، في أستراليا.

Unknown page