80

الفتيات لعبن بورق اللعب، وتبادلن النكات، ودخن السجائر، وفي منتصف الليل تقريبا بدأن لعبة «الحقيقة أم التحدي»، ومن بين التحديات التي اقترحنها: اخلعي الجزء العلوي من منامتك واكشفي عن صدرك، كلي عقب السيجارة، ابتلعي الأوساخ، ضعي رأسك في سطل الماء وحاولي العد حتى مائة، اذهبي وتبولي أمام خيمة الآنسة جونستون، ومن بين الأسئلة التي استدعت قول الحقيقة: هل تكرهين أمك؟ أباك؟ أختك؟ أخاك؟ كم عدد الأعضاء التناسلية الذكورية التي رأيتها في حياتك؟ ولمن كانت؟ هل كذبت أو سرقت أو مسست شيئا ميتا في حياتك من قبل؟ وتذكرت أيضا مورين الإحساس بالغثيان والدوار الناجمين عن تدخين عدد كبير من السجائر بسرعة مبالغ فيها، وكذلك رائحة الدخان تحت القماش السميك الذي تشبع بشمس النهار، ورائحة الفتيات اللائي سبحن لساعات في النهر، وجرين واختبأن بين عيدان القصب على طول ضفتي النهر، وتعين عليهن أن يحرقن العلقات ليبعدنها عن أرجلهن.

تذكرت كم كانت مزعجة آنذاك، كم كانت صاخبة وميالة إلى قبول التحديات! قبل أن تلتحق بالمدرسة الثانوية تحديدا، تمكنت منها حالة من الطيش، سواء أكانت حقيقية أم مزيفة أم وسطا بين الحقيقة والزيف، وسرعان ما تبددت تلك الحالة، واختفى جسدها الجريء داخل هذا الجسد الكبير، وأمست فتاة مولعة بالدراسة، خجولة، يتورد وجهها خجلا. اكتسبت الخصال التي سيراها زوج المستقبل ويقدرها كل التقدير عندما يتقدم لطلب يدها.

أتحداك أن «تهربي». هل كان ذلك ممكنا؟ أحيانا ما يهبط الإلهام على الفتيات عندما يردن للمخاطر أن تستمر دون توقف، فترى الواحدة منهن تتمنى لو كانت بطلة مهما كلفها الأمر. يتعاطين مع مزحة، فترى لديهن رغبة في حملها على محمل يتجاوز ما حملها عليه غيرهن من قبل. تجد لديهن رغبة في أن يكن طائشات جريئات ومدمرات. كان هذا الأمل الضائع لدى الفتيات.

من مسند القدم المغطى بنسيج قطني مطرز إلى جوار زوجها، تطلعت إلى أشجار الزان النحاسي، فتجلى لها عبرها، ليس العشب المشمس، بل الأشجار الجامحة بطول النهر؛ أشجار الأرز الوارفة، وأشجار البلوط ذات الأوراق النحيلة، وشجر الحور بأوراقه اللامعة. بدت الأشجار جدارا مخلخلا نوعا ما ببوابات خفية، ودروب مستترة خلفه؛ حيث كانت تمضي حيوانات، وبشر منعزلون أحيانا، أصبحوا مختلفين عما كانوا عليه بالخارج، ومحملين بمسئوليات وقناعات ونوايا مختلفة. كان بإمكانها أن تتخيل فكرة الاختفاء، لكن المرء - بالطبع - لا يختفي هكذا وحسب؛ فهناك دوما شخص آخر يقطع دربا يتقاطع مع دربك، وعقله يحفل بخطط لك حتى قبل أن يلتقي بك.

عندما قصدت مكتب البريد ظهر ذاك اليوم لإرسال خطابات زوجها، سمعت مورين روايتين جديدتين: ثمة فتاة شقراء شوهدت وهي تهم بركوب سيارة سوداء على طريق بلووتر السريع شمالي والي في تمام الواحدة تقريبا ظهر الأحد. ربما كانت تتطفل للركوب مع أحد أصحاب السيارات، أو ربما كانت تنتظر سيارة بعينها. كان ذلك على بعد 20 ميلا من الشلالات، وكان الطريق إلى هناك يستغرق سيرا على الأقدام حوالي خمس ساعات عبر البلدة. من الممكن القيام بذلك، أو ربما حصلت على توصيلة في سيارة أخرى.

لكن بعض الناس ممن يعكفون على تنظيف مدافن عائلاتهم في مقابر الكنيسة المهجورة بالبلدة في الجانب الشمالي الشرقي المليء بالمستنقعات؛ زعموا أنهم سمعوا صرخة في منتصف النهار. تذكروا أنهم تساءلوا عمن يمكن أن يكون صاحب الصرخة. ليس «ما»، ولكن «من»؟ «من كان ذلك الشخص؟» ولكن لاحقا، حسبوا أنه ربما كان ثعلبا.

كانت هناك مواطئ أقدام في بقعة على مقربة من المعسكر، وأعقاب سجائر مطفأة حديثا متناثرة في المكان، ولكن علام يمكن الاستدلال من ذلك كله؟ فالناس كثيرا ما يترددون على ذلك المكان؛ العشاق، والصبية الذين يدبرون مقالب.

وربما التقى بها رجل هناك

وكان بحوزته مسدس أو سكين

التقى بها هناك

Unknown page