سألت العجوز آني: «هل استطاع السيد هيرون فهمها عندما تحدثت معه؟» فقالت: «إلى حد كاف.» سألتها: «هل ستشعر بالسعادة لدى رؤيته مرة أخرى؟» فقالت: «أنا سعيدة من أجله لأنه رآني.» بأسلوب لا يخلو من الارتياح الماكر، بالتلميح - على الأرجح - إلى ما ترتديه والمركبة التي حضرت بها.
لذا انطلقنا فحسب في السيارة البخارية أدنى الأشجار العالية المقوسة التي اصطفت على جوانب الطرق في تلك الأيام. ومن مسافة بعيدة استطعنا رؤية البحيرة؛ لمحات فقط منها، ولمحات من الضوء، الذي يتخلل الأشجار والتلال؛ لذا سألتني العجوز آني: «هل من الممكن أن تكون هي البحيرة نفسها؛ نفس البحيرة التي كانت مدينة والي على ضفافها؟»
كان ثمة الكثير من كبار السن حينئذ تجول في أذهانهم أفكار غير منطقية، وإن كنت أظن أن العجوز آني كان لديها من تلك الأفكار أكثر من أغلبيتهم. أذكر أنها أخبرتني في وقت آخر أن فتاة في الدار وضعت طفلا من بثرة ضخمة انفجرت من بطنها، وكان في حجم فأر، ولم يكن حيا، لكنهم وضعوه داخل فرن فانتفخ حتى صار في حجم مناسب، وتحمص حتى أصبح لونه مقبولا وبدأ في تحريك ساقيه. (لا بد أن ما تفكر فيه الآن هو المقولة الشهيرة: اطلب من امرأة عجوز أن تستغرق في الذكريات وستسمع مزيجا من أشياء غير مترابطة.)
أخبرتها أن هذا غير معقول؛ لا بد أنه كان حلما.
قالت: «ربما كان كذلك.» واتفقت معي في الرأي لمرة واحدة: «كانت تراودني بالفعل أفظع الأحلام.»
وهبطت سفن الفضاء
في ليلة اختفاء يوني مورجان، جلست ريا في منزل لبيع الخمور بكارستيرز؛ حانة مانك، وهي عبارة عن منزل خشبي ضيق وأجرد بجدران متسخة حتى منتصفها بفعل فيضان النهر المتكرر. أحضرها بيلي دود إلى هناك. كان يلعب الورق عند أحد طرفي الطاولة الكبيرة ودار الحديث عند الطرف الآخر. جلست ريا جانبا فوق كرسي هزاز، عند زاوية بالجهة الأخرى بجانب الموقد الذي يعمل بالكيروسين.
قال رجل: «نداء الطبيعة. لنقل نداء الطبيعة.» وقد قال في السابق شيئا عن التغوط. أخبره رجل آخر بأن ينتبه إلى ألفاظه. لم يلتفت أحد إلى ريا، لكنها علمت أنها كانت السبب. «ذهب عند الصخور ليلبي نداء الطبيعة، وكان يفكر أنه سيود العثور على شيء ما؛ شيء مفيد. على الرغم من ذلك لم يتوقع بالطبع أنه سيعثر عليه هناك. ماذا رأى هناك؟ رأى ذلك الشيء مبسوطا فوق الأرض؛ ثمة ألواح منه مطروحة. ليته لم يكن الشيء عينه! مبسوطا هناك في ألواح؛ لذا التقطه وحشره في جيوبه وفكر؛ هذا يكفي حتى المرة المقبلة. لم يفكر فيه بعد ذلك، وعاد إلى المعسكر.»
قال رجل عرفته ريا؛ الرجل الذي جرف الثلوج بعيدا عن أرصفة المدرسة، خلال الشتاء: «أكان في الجيش؟» «ما الذي جعلك تعتقد ذلك؟ لم أقل ذلك قط!»
قال جارف الثلوج: «قلت معسكرا؛ معسكرا للجيش.» كان اسمه دينت ماسون. «لم أذكر قط معسكر الجيش؛ أتحدث عن معسكر لقطع الأخشاب، في الشمال بعيدا بمقاطعة كيبيك. ماذا سيفعل معسكر للجيش هناك؟» «ظننت أنك قلت معسكرا للجيش.» «رأى أحدهم ما بحوزته. ما هذا الذي تخبئه؟ فقال: حسنا، لا أدري. من أين حصلت عليه؟ كان مبسوطا فوق الأرض فحسب. حسنا، ما هذا الشيء في اعتقادك؟ حسنا، لا أدري.»
Unknown page