267

Asrar Balagha

أسرار البلاغة فى علم البيان

Investigator

عبد الحميد هنداوي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

بيروت

فصل قال أبو القاسم الآمدي في قول البحتري (١): [من البسيط] فصاغ ما صاغ من تبر ومن ورق ... وحاك ما حاك من وشي وديباج صوغ الغيث النبت وحوكه النبات، ليس باستعارة بل هو حقيقة، ولذلك لا يقال: «هو صائغ» ولا «كأنه صائغ» وكذلك لا يقال: «حائك» و«كأنه حائك»، على أن لفظة «حائك» خاصّة في غاية الركاكة، إذا أخرج على ما أخرجه عليه أبو تمام في قوله (٢): [من الطويل] إذا الغيث غادى نسجه خلت أنّه ... خلت حقب حرس له وهو حائك وهذا قبيح جدّا، والذي قاله البحتري: «وحاك ما حاك»، حسن مستعمل، فانظر ما بين الكلامين لتعلم ما بين الرّجلين. قد كتبت هذا الفصل على وجهه، والمقصود منه منعه أن تطلق الاستعارة على «الصوغ» و«الحوك»، وقد جعلا فعلا للربيع، واستدلاله على ذلك بامتناع أن يقال: «كأنه صائغ» و«كأنه حائك». اعلم أن هذا الاستدلال كأحسن ما يكون، إلا أن الفائدة تتمّ بأن تبيّن جهته، ومن أين كان كذلك؟ والقول فيه: إن التشبيه كما لا يخفى يقتضي شيئين مشبّها ومشبّها به. ثم ينقسم إلى الصريح وغير الصريح، فالصريح أن تقول: «كأنّ زيدا الأسد»، فتذكر كل واحد من المشبّه والمشبّه به باسمه- وغير الصريح أن تسقط المشبّه به من الذكر، وتجري اسمه على المشبّه كقولك: «رأيت أسدا»، تريد رجلا شبيها بالأسد، إلا أنك تعيره اسمه مبالغة وإيهاما أن لا فصل بينه وبين الأسد، وأنه قد استحال إلى الأسدية.

(١) البيت في ديوانه فانظره. والتّبر: الذهب كله وقيل: الذهب المكسور، وقيل: الفتات من الذهب والفضة والورق والورق: الدراهم المضروبة. والوشي: من الثياب وهو يكون من كل لون والجمع: وشاء. والديباج: ضرب من الثياب والدّبج: النقش والتزيين والديباج جمعها: دبابيج وديابيج. (٢) البيت في ديوانه ص ٢١١، والبيت فيه «أتت» بدل «خلت» وهو من قصيدة يمدح فيها أبا سعيد محمد بن يوسف الثغري مطلعها: قرى دراهم منّي الدموع السوافك ... وإن عاد صبحي بعدهم وهو حالك والسوافك: المنصبة، والحالك: الأسود. وقال الشيخ شاكر: انتهى كلام أبي القاسم الآمدي هنا وهو في كتابه الموازنة ١/ ٤٩٧، ٤٩٨ (المعارف). ونقله الشيخ (يقصد عبد القاهر) في دلائل الإعجاز رقم ٦٤٧ ص ٥٥٣ اه. والحقبة: مدة من الدهر جمعها حقب، والحرس: الدهر.

1 / 269