Ashhar Khutab Wa Mashahir Khutaba
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Genres
يا معاشر الناس انصروا الله ينصركم، وقاتلوا في سبيل الله واحتسبوا أنفسكم في سبيل الله وأصروا على قتال أعدائكم. وقاتلوا عن حريمكم وأولادكم ودينكم. وليس لكم ملجأ تلجئون إليه ومكمن تكمنون فيه، فاقرنوا المناكب وقدموا المضارب، ولا تحملوا حتى آمركم بالحملة. ولتكن السهام مجتمعة إذا خرجت من القسي كأنها تخرج من كبد قوس واحد؛ فإنه إذا تلاحقت السهام رشقا كالجراد لم يخل أن يكون فيها سهم صائب. واصبروا وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون. واعلموا أنكم لا تلقون عدوا مثل هذه الفئة حماتهم وأبطالهم وملوكهم. (11) خطبة لطارق بن زياد
كان طارق بن زياد مولى موسى بن نصير عامل الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي في أفريقية، وكان منزله القيروان. وحدث أن يوليان أحد رجال الدين في إسبانيا كان حاقدا على الملك، فوضع حقده فوق وطنه، وأرسل إلى موسى فاستنجد به. فأرسل إليه موسى طارقا فعبر بحر العدوة والتقى بالملك رودريق فتحاربا أياما وقتل الملك، وصارت الأندلس للعرب. وسمع موسى بخبر الفتح وحسد طارقا فعبر البحر في عشرة آلاف فتلقاه طارق وترضاه فرضي عنه. وسار موسى بن نصير إلى فرنسا وقطع جبال برينيه وبلغ كركسونا. ثم استرجعه الخليفة الوليد إلى دمشق ونكبه ونفاه إلى مكة فتوفي بها في سنة 97ه الموافقة لسنة 718م. وكان فتح طارق للأندلس في سنة 711م وكان خروج المسلمين من الأندلس سنة 1492م.
لما بلغ طارقا دنو رودريق قام في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم حث المسلمين على الجهاد ورغبهم، ثم قال:
أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه، وأسلحته وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمرا ذهب ريحكم وتعوضت القلوب من رعبها عنكم الجرأة عليكم. فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمرا أنا عنه بنجوة ولا حملتكم على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلا استمتعتم بالأرفه الألذ طويلا. فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي فما حظكم فيه بأوفر من حظي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الخيرات العميمة. وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عربانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارا وأختانا؛ ثقة منه بارتياحكم للطعان. واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة، ولتكون بغنمها خالصة لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم. والله تعالى ولي أنجادكم على ما يكون لكم ذكرا في الدارين. واعلموا إني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى. فاحملوا معي، فإن هلكت بعده فقد كفيتم أمره ولم يعوزكم بطل عاقل تسندون أموركم إليه. وإن هلكت قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهم من فتح هذه الجزيرة بقتله. (12) خطبة لعمر بن عبد العزيز
كان عمر بن عبد العزيز أحد خلفاء بني أمية وكان عفيفا زاهدا يميل إلى النسك والاعتكاف وكان يتحرى سيرة الخلفاء الراشدين وهو أول من فرض لأبناء السبيل وأبطل في الخطب سب علي بن أبي طالب. وكانت خلافته من سنة 717 إلى سنة 720م. وقيل إنه مات مسموما، دس له الأمويون سما خشية أن يعيد الخلافة شورى بين المسلمين فتخرج من أيديهم. ومن خطبه هذه الخطبة التي ألقاها في خاصرة:
أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثا ولم تتركوا سدى. وإن لكم معادا يحكم الله بينكم فيه، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحرم جنة عرضها السموات والأرض. واعلموا أن الأمان غدا لمن يخاف اليوم وباع قليلا بكثير وفانيا بباق. ألا ترون أنكم في أصلاب الهالكين، وسيخلفها من بعدكم الباقون حتى يردوا إلى خير الوارثين. إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله قد قضى نحبه وبلغ أجله. ثم تغيبونه في صدع من الأرض. ثم تدعونه غير موسد ولا ممهد، قد خلع الأسباب وفارق الأحباب، وواجه الحساب. غنيا عما ترك فقيرا إلى ما قدم. وايم الله إني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم أكثر مما عندي. وأستغفر الله لي ولكم. وما تبلغنا حاجة يتسع لها ما عندنا إلا سددناها. ولا أحد منكم إلا وددت أن يده مع يدي ولحمتي الذين يلونني حتى يستوي عيشنا وعيشكم. وايم الله إني لو أردت غير هذا من عيش أو غضارة لكان اللسان به ناطقا ذلولا عالما بأسبابه. ولكنه مضى من الله سنة عادلة دل فيها على طاعته ونهى عن معصيته. (13) خطبة لقطري بن الفجاءة
كان قطري أحد رءوس الخوارج الذين كانوا يعدون خلفاء بني أمية وعلي بن أبي طالب مغتصبين للخلافة فلم تكن عليهم لهم طاعة. وكانوا يولون خلفاءهم بأنفسهم، فكان قطري أحد خلفائهم. وكان يجمع بين الشجاعة والبلاغة. وكان الحجاج بن يوسف الثقفي يسير إليه جيشا بعد جيش فيعود بالهزيمة. ولم تزل الحال كذلك حتى توجه إليه سفيان بن الأبرد فظهر عليه وقتله سنة 78ه الموافقة لسنة 698م.
وهذه الخطبة ينسبها جامع «نهج البلاغة» إلى علي بن أبي طالب كما هي عادته في نسبة كل ما يستجيده من الخطب والكلام البارع إليه حتى بلغ به الشطط أن نسب أكثر الحكم اليونانية المشهورة إليه.
قال قطري:
أما بعد، فإني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات وراقت بالقليل، وتجلببت بالعاجل وغمرت بالآمال. وتحلت بالأماني وزينت بالغرور. لا تدوم زهرتها ولا تؤمن فجعتها. غرارة ضرارة، وحائلة زائلة، ونافدة بائدة. لا تعدو إذا تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا بها أن تكون كما قيل: كماء أنزلناه فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما. مع أن امرأ لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق من سرائها بطنا، إلا منحته من ضرائها ظهرا. ولم تطله منها ديمة رخاء، إلا هطلت عليه مزنة بلاء. وحري إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة. وإن جانب منها اعذوذب واحلولى أمر عليه منها جانب فأوبا. وإن لبس امرؤ من غضارتها ورفاهيتها نعما أرهقته من نوائبها غما. ولم يمس امرؤ منها في جناح أمن إلا أصبح منها في قوادم خوف. غرارة غرور ما فيها باقية. فان ما عليها . لا خير في شيء من زادها إلا التقوى. من أقل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه ... كم واثق بها قد فجعته وذي طمأنينة إليها قد صرعته! وكم من مختال بها قد خدعته، وكم ذي أبهة فيها قد صيرته حقيرا وذي نخوة فيها قد ردته ذليلا، وذي تاج قد كبته لليدين والفم! سلطانها دول، وعيشها رنق، وعذبها أجاج، وحلوها مر، وغذاؤها سمام، وأسبابها زحام، وقطافها سلع. حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم، ومنيعها بعرض اهتضام. مليكها مسلوب، وعزيزها مغلوب، وسليمها منكوب، وجارها وجامعها محروب. مع أن من وراء ذلك سكرات الموت وزفراته وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل؛ ليجزي الذين أساءوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. ألستم في مساكن من كان منكم أطول أعمارا وأوضح آثارا وأعد عديدا وأكثف جنودا وأعتد عتادا وأطول عمادا؟ تعبدوا الدنيا أي تعبد، وآثروها أي إيثار، وظعنوا عنها بالكره والصغار. فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية ... بل أرهقتهم بالفوادح وضعضعتهم بالنوائب، وعفرتهم للمناخر، وأعانت عليهم ريب المنون وأرهقتهم بالمصائب. وقد رأيتم تنكرها لمن دان لها وآثرها وأخلد إليها، حتى ظعنوا عنها لفراق الأبد إلى آخر الأمد. هل زودتهم إلا الشقاء وأحلتهم إلا الضنك، أو نورت لهم إلا الظلمة، وأعقبتهم إلا الندامة؟ أفهذه تؤثرون، أو على هذه تحرصون، أو إليها تطمئنون؟ فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها! اعلموا - وأنتم تعلمون - أنكم تاركوها الأبد. فإنما هي لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد. فاتعظوا فيها بالذين يبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وبالذين قالوا: من أشد منا قوة. واتعظوا بمن رأيتم من إخوانكم كيف حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا فلا يدعون ضيفانا. وجعل لهم من الضريح أكنان، ومن التراب أكفان، ومن الرفات جيران. فهم جيرة لا يجيبون داعيا ولا يمنعون ضيما. إن أخصبوا لم يفرحوا وإن قحطوا لم يقنطوا. جمع وهم آحاد. جيرة وهم أبعاد. متناءون وهم يزارون ولا يستزيرون. حلماء قد ذهبت أضغانهم. وجهلاء قد ماتت أحقادهم. لا يخشى فجعهم، ولا يرجى دمعهم. وهم كمن لم يكن. استبدلوا بظهر الأرض بطنا وبالسعة ضيقا وبالآل غربة وبالنور ظلمة. فجاءوها حفاة عراة فرادى غير أن ظعنوا بأعمالهم إلى الحياة الدائمة. إلى خلود الأبد فاحذروا ما حذركم الله وانتفعوا بمواعظه واعتصموا بحبله. عصمنا الله وإياكم بطاعته ورزقنا وإياكم أداء حقه. (14) خطبة للحجاج
Unknown page