119

Asbāb nuzūl al-Qurʾān

أسباب نزول القرآن

Editor

كمال بسيوني زغلول

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١١ هـ

Publisher Location

بيروت

الْإِسْلَامِ، بَعْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْعَدَاوَةِ، فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ مَلَأُ بَنِي قَيْلَةَ بِهَذِهِ الْبِلَادِ، لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا مَعَهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا بِهَا مِنْ قَرَارٍ. فَأَمَرَ شَابًّا مِنَ الْيَهُودِ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ: اعْمَدْ إِلَيْهِمْ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَكِّرْهُمْ [بِيَوْمِ] بُعَاثٍ وما كان قبله، وَأَنْشِدْهُمْ بَعْضَ مَا كَانُوا تَقَاوَلُوا فِيهِ مِنَ الْأَشْعَارِ. وَكَانَ بُعَاثٌ يَوْمًا اقْتَتَلَتْ فِيهِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَكَانَ الظَّفَرُ فِيهِ لِلْأَوْسِ عَلَى الْخَزْرَجِ. فَفَعَلَ فَتَكَلَّمَ الْقَوْمُ عِنْدَ ذَلِكَ فَتَنَازَعُوا وَتَفَاخَرُوا، حَتَّى تَوَاثَبَ رَجُلَانِ مِنَ الْحَيَّيْنِ: أَوْسِ بْنِ قَيْظِيٍّ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ مِنَ الْأَوْسِ، وَجَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ، أَحَدِ بَنِي سَلَمَةَ مِنَ الْخَزْرَجِ. فَتَقَاوَلَا، وَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنْ شِئْتَ [وَاللَّهِ] رَدَدْتُهَا [الْآنَ] جَذَعَةً، وَغَضِبَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا وَقَالَا: قَدْ فَعَلْنَا، السِّلَاحَ السِّلَاحَ مَوْعِدُكُمُ الظَّاهِرَةُ. وَهِيَ حَرَّةٌ، فَخَرَجُوا إِلَيْهَا، وَانْضَمَّتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ عَلَى دَعْوَاهُمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رسول اللَّه ﷺ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى جَاءَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَلَّفَ بَيْنَكُمْ، فَتَرْجِعُونَ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ كُفَّارًا؟ اللَّهَ اللَّهَ! فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنَّهَا نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَكَيْدٌ مِنَ عَدُوِّهِمْ، فَأَلْقَوُا السِّلَاحَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَبَكَوْا وَعَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَعَ رسول اللَّه ﷺ، سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يَعْنِي الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَعْنِي شَاسًا وَأَصْحَابَهُ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا كَانَ [مِنْ] طَالِعٍ أَكْرَهَ إِلَيْنَا مِنْ رسول اللَّه ﷺ، فأومى إِلَيْنَا بِيَدِهِ، فَكَفَفْنَا وَأَصْلَحَ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَيْنَنَا، فَمَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ رسول اللَّه ﷺ، فَمَا رَأَيْتُ [قَطُّ] يَوْمًا أَقْبَحَ وَلَا أوْحَش أوّلًا، وأطيبَ آخِرًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.)
[١٠٥] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ ... الْآيَةَ. [١٠١] .

1 / 120