Asatir Yunaniyya Wa Rumaniyya
الأساطير اليونانية والرومانية
Genres
سمح الطاغية لبوثياس بالانصراف، ولكنه حذره مغبة عدم عودته بقوله: «سمحت لك بهذه المهلة، ولكن يجب أن تعود في الساعة كذا يوم كذا، وإلا أعدم صاحبك مكانك.»
رحل بوثياس إلى بلده الواقع على مسافة بعيدة، وسوى أموره هناك، وقسم ممتلكاته بين أقاربه، وخرج من هناك عائدا إلى سيراكوز، ولكن لسوء الحظ تأخر في الطريق أثناء عودته لأسباب خارجة عن إرادته. لقد فاض نهر وامتلأ حتى حافته بالماء، وكان على بوثياس أن يعبره. فناضل بجد حتى عبره. كما هبت عاصفة عاتية جعلت السير في الطريق متعذرا، فطفق يشق طريقه بصعوبة وهو يجاهد بأقصى ما في مكنته. وأخيرا بعد كل هذه المشاق، وصل إلى سيراكوز في اللحظة الأخيرة من المهلة المحددة. وبينما كان السياف يرفع يده بالسيف ليهوي به على عنق دامون، فيفصل رأسه عن جسده؛ إذ ببوثياس يشق طريقه وسط الجموع، وهو يلهث من كثرة الجري، وصاح يقول: «أوقف سيفك! ها أنا ذا قد حضرت!» وركع أمام السياف مكان دامون ليتلقى الضربة القاضية، ولكن ديونيسيوس امتلأ دهشة وإعجابا لوفاء هذين الصديقين، فصفح عن بوثياس، وطلب أن يكونا من أصدقائه.
الباب الحادي عشر
مغامرات هرقل
مولد هرقل وحياته المبكرة
ما من بطل في العصور القديمة نال من الشهرة ما نال هرقل (هيراكليس الإغريقي)، هو ابن جوبيتر وألكميني الطيبية. وقد دأبت جونو على عداء أبناء جوبيتر من زوجاته الأخريات، ولكن عداوتها لهرقل فاقت كل حد؛ إذ كانت متأصلة وتتصف بالقسوة القاتلة. وقد رتبت الأمور قبل مولد هرقل لكي تمنعه حكم مملكة، وبينما هو في مهده، أرسلت ثعبانين ليخنقاه، ولكن الولد هرقل كان قويا جدا قوة خارقة، فما كان منه إلا أن أمسكهما في يديه وخنقهما.
تلقى هرقل في شبابه تعليما في جميع فنون الرجال، وتدرب على أيدي خيرة معلمي بلاد الإغريق، فلقنه أمفتريوس ملك طيبة ابن ألكايوس،
1
وحفيد برسيوس، والذي اشتهر بأنه والده، لقنه دروسا في فن قيادة العربات. وعلمه أوتوليكوس بن ميركوري المصارعة، وعلمه الملك يوريتوس الرماية، وعلمه كاستور الذي هو أحد أبناء جوبيتر كيفية الصمود في القتال العنيف. ولقنه لينوس بن أيولو دروسا في الغناء والعزف على القيثارة، ودربه رادامانثوس، الذي بسبب أخلاقه الحميدة، صار فيما بعد أحد قضاة العالم السفلى، دربه على الحكمة والفضيلة، ولكن هرقل في شبابه ورجولته، كان يفتقر إلى ضبط النفس، ففي إحدى سورات غضب مفاجئة قتل معلمه لينوس.
نفى أمفتريون هرقل؛ بسبب جريمة قتل معلمه، إلى الريف، حيث جعله يرعى الماشية. فنما وترعرع في الخلاء، واطرد نمو قوته يوما بعد يوم. وفي ذلك الوقت بدأ يقوم بأعمال مدهشة تنم عن فرط القوة والجرأة، فقتل الأسد الثيسبي، الذي ظل وقتا طويلا يفتك بقطعان الأغنام في الجهات المجاورة. ومنذ ذلك الحين، أخذ هرقل يرتدي جلد هذا الأسد، وجعله لباسه العادي. وكان يحمل هراوة ضخمة قطعها بنفسه من شجرة قريبة من منطقة نيميا.
Unknown page