Ardashir Wa Hayat Nufus
أردشير وحياة النفوس: قصة غرامية تلحينية
Genres
وبعد، فلا أرى مفرا من طرح هذا السؤال وهو: إذا كان الملحنون المصريون لا يقدرون المسئولية الفنية الملقاة عليهم، ولا يحفلون بواجبهم الوطني التهذيبي، ولا يعنون بالاستمرار على تكوين أنفسهم بالدرس والاطلاع والإنتاج الصالح، ولا يهتمون بالتعاون مع المؤلف الشاعر على إنشاء وترقية الأوبرا المصرية، فماذا يبقى للأخير؟ أيكتفي بجهده الأدبي ويقنع بأداء نصيبه من التأليف؟ أم يبحث بين الأوروبيين على موسيقار مستعرب مجيد ويتعاون معه على الإخراج الموسيقي؟ أم يظل متعلقا بخيط من الأمل الضعيف زمنا أطول؟
وكما أبرئ الجمهور من حب الجمود فكذلك لا أرى من العدل أن يكال اللوم لمغنياتنا ومغنينا المسرحيين، فقد أظهر الجميع استعدادا مشكورا للتنقل إلى الأمام نحو الأكمل كلما أتحفهم المؤلفون والملحنون بشيء جديد راق، وإذا صح أن أغلبية الشعراء في مصر محافظون فالأصح أن كل الملحنين المصريين تقريبا جامدون، وماذا يجدي مثلا استثناء الدكتور صبري وعبد الوهاب أو غيرهما إذا كانا لا ينتجان، أو ما دام إنتاجهما قليلا جدا؟!
قدموا يا سادتي النقاد للسيدة منيرة مثلا أوبرا راقية التلحين ثم لوموها بعد ذلك إذا ما هي قصرت في التمرن الوافي على غنائها بالإتقان الفني المطلوب. أما والأغاني التي تعرض عليها عادية، وهي مقيدة بأنغامها، فلا وجه للومها إذا هي اضطرت إلى مراعاة تلك القيود ... وإذا كانت الروايات الغنائية المصرية لا تعمر طويلا فلوموا الملحن قبل لوم المؤلف الأمين المجتهد، وقبل لوم المغنية والمغني، ما دام ما ينتجه فنه لا يصلح للحياة، بينما المنتجات الأوروبية الراقية تعيش خالدة، وتسمع في دور التمثيل كما تسمع في القصور والمنازل، وفي الأندية والحفلات والمشارب، وفي جميع الحواضر المتمدنة بلا تمييز بين قطر وقطر وبين أمة وأخرى.
فاليوم الذي يتقن فيه تلحين الأوبرا في مصر لهو فتح جديد لثقافتنا الأدبية لأنه سيزيد نشاط الشعر العصري الجديد، كما أنه سيخرج لنا بدائع فنية جديرة بالذيوع القومي، وربما استحق بعضها الذيوع العالمي أيضا، فيكون بمثابة دعاية صالحة للثقافة المصرية تكسبنا تقدير واحترام الشعوب الراقية.
أحمد زكي أبو شادي
موضوع القصة
تلخيص عن «ألف ليلة وليلة»
كان بمدينة (شيراز) ملك عظيم يسمى (السيف الأعظم شاه) وكان قد كبر سنه ولم يزرق ولدا، ثم خدمه الحظ أخيرا ورزق وليا لعهده فسماه (أردشير)، وكان جميل الطلعة فهذبه والده وعلمه إلى أن شب وترعرع، وكان قبلة آماله ورعايته. وكان بالعراق ملك يسمى (الملك عبد القادر)، وكانت لهذا الملك بنت جميلة تسمى (حياة النفوس)، وكانت تبغض الرجال وترفض الزواج، وقد خطبها من أبيها الملوك الأكاسرة دون نجاح، وكانت تهدد والدها بالانتحار إذا ما اضطرها إلى الزواج.
فسمع ابن الملك (أردشير) بذكرها فتعلق بها، ثم ازداد كلفه فأعلم والده بذلك، فنظر إلى حاله ورق له وصار يكرر له وعده بالزواج منها، ثم أرسل وزيره إلى أبيها ليخطبها فأبى، فلما رجع الوزير من عند الملك (عبد القادر) وأخبره بما اتفق له معه وأعلمه بعدم قضاء حاجته شق ذلك على الملك (السيف الأعظم شاه) واغتاظ غيظا شديدا، وكاد يعقد نيته على غزو بلاد الملك (عبد القادر) وتخريبها، وقال: هل مثلي يرسل إلى أحد من الملوك في حاجة فلا يقضيها له؟! ثم أمر بالاستعداد العظيم لمحاربته، فلما بلغ ولده (أردشير) هذا النبأ الخطير قال لأبيه الملك: «أيها الملك الأعظم لا تكلف نفسك بشيء من هذا وتجرد هؤلاء الأبطال والعسكر وتنفق مالك فإنك أقوى منه، ومتى جردت عليه هذا العسكر الذي معك أخربت دياره وبلاده، وقتلت رجاله وأبطاله، ونهبت أمواله ويقتل هو أيضا، فيبلغ ابنته ما يقع لأبيها وملكه من جرائها فتقتل نفسها، وحينئذ أموت أنا أيضا بسببها، إذ لن أعيش بعدها أبدا.» فقال له الملك والده: «فما يكون رأيك يا ولدي؟» قال له: «أنا أتوجه في حاجتي بنفسي، وألبس لبس التجار، وأتحايل للوصول إليها، وأنظر كيف يكون قضاء حاجتي منها.» فقال أبوه: «هل صممت على اختيار هذا الرأي؟» فقال له: «نعم يا والدي!» فدعا الملك بالوزير وقال له: «سافر مع ولدي وثمرة فؤادي، وساعده على مقاصده، واحتفظ عليه، ودبره برأيك الرشيد، فإنك معه عوضا عني.» فقال الوزير: «سمعا وطاعة!»
ثم إن الملك والملكة أعطيا الأمير فوق حاجته من الذهب وأعطياه أيضا جواهر وفصوصا ومصاغا ومتاعا وذخائر وقلائد وملابس وتحفا، وجميع ما كان مدخرا من عهد الملوك السالفين مما لا تعادله أموال، ثم أخذ معه من مماليكه وغلمانه ودوابه جميع ما يحتاج إليه في الطريق وغيره، وتزيا بزي التجار هو والوزير ومن معهما، وودع والديه وأهله وقرابته وساروا يقطعون القفار آناء الليل والنهار إلى أن بلغوا (المدينة البيضاء)، وهناك توطنوا ثم استأجر الأمير بمشورة الوزير دكانا فخما في سوق البزازين ونقلا إليه البضائع والتحف، وأقام فيه الأمير (أردشير) وغلمانه كتاجر ومساعديه، فكان يلفت الأنظار الكثيرة إليه لبهاء طلعته، وكانت الناس تتسامع به وبحسنه فيأتون إليه لغير حاجة ويحضرون السوق حتى ينظروا إلى حسنه ويتمتعوا بمرآه، وكثيرا ما ازدحم السوق براغبي التطلع إليه!
Unknown page