Arbacun Hadithan
الاربعون حديثا
Genres
قشريون وسطحيون . ترى انه لا يملك شيئا من المعارف الالهية ، سوى حفنة من المفاهيم التي لا تعدو جميعا ان تكون حجبا تغطي الحقائق ، او مطبات في الطريق ، ومجموعة من المصطلحات ذات البريق الخادع مما لا علاقة لها بالمعارف الالهية ، وبعيدة كل البعد عن معرفة الله وعن العلم باسمائه وصفاته ؟ ان المعرفة صفة القلب . وكاتب هذه السطور يعتقد ان جميع هذه العلوم هي علوم عملية ، لا مجرد معرفة نظرية وحياكة مصطلحات . لقد راينا خلال هذا العمر القصير والمعرفة القليلة في من يسمون بالعرفاء والعلماء في سائر العلوم ، اشخاصا اقسم بالعرفان والعلم انهم لم يتاثروا قلبيا بهذه الاصطلاحات ، بل كان لها تاثير معكوس عليهم .
ايها العزيز ! ان العرفان بالله ، كما تعلم ، يحيل القلب الى محل تتجلى فيه اسماء الله وصفاته وينزل فيه السلطان الحقيقي الذي يمحو آثار التلوث ويطرد التعين :
«... ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة ...» (1) انه يجعل القلب احديا احمديا ، فلماذا اذا جعل قلبك والها بجمالك ، وزاد في تلونك ، وضاعف في تعيناتك واضافاتك وابعدك عن الحق تعالى وتجليات اسمائه ، وجعل قلبك موطنا للشيطان فتنظر عباد الله ، واصحاب ابواب الحق ، ومظاهر جمال المحبوب ، نظرة تحقير وازدراء ؟ انك تتكبر على الله ، وتتفرعن في حضرة ذات الله واسمائه وصفاته .
يا طالب المفاهيم ، ويا مضيع الحقائق ! تمهل ، انظر الى ما لديك من المعارف فما الاثر الذي تراه من الحق وصفاته في نفسك ؟ ولعل علم الموسيقي والايقاع ادق من علمك ، واصطلاحات العلوم الاخرى كالفلك والميكانيك وسائر العلوم الطبيعية والرياضية ، تساوي اصطلاحات علمك ودقته كتفا لكتف . فكما ان تلك العلوم ليس لها عرفان بالله ، كذلك فان علمك الذي حجبته الاصطلاحات وسجف المفاهيم والاعتبارات ، لا يرجى منه تغيير في نفس ولا حال ، بل ان تلك العلوم لدى منطق العلوم الطبيعية والرياضية افضل مما هو بك من العلم ، لان تلك العلوم تنتج شيئا ، وليس لعلمك ناتج ، او ان ناتجه معكوس . فالمهندس ينال نتيجة هندسته ، والصائغ نتيجة صنعته ، اما انت فقد قصرت يدك عن النتائج الدنيوية ، ولم تصل الى نتائج عرفانك . فحجابك اثقل واسمك ، وما ان يدور الكلام على الاحدية حتى يغشاك ظلام غير متناه ، وما ان تسمع عن حضرة اسماء الله وصفاته حتى تتصور كثرة غير متناهية . اذا لم تعثر على الطريق الى الحقائق والمعارف من هذه الاصطلاحات ، بل صارت مدعاة للتفاخر والتكبر على العلماء الحقيقيين . ان المعارف التي تزيد من كدر القلب ليست معارف ، والويل لمعارف الاربعون حديثا :96
Page 95