الاربعون حديثا :189
والثاني : انه لم يفهم معنى الحديث ، فظن انه لايجوز التفوه بأي شيء عن ذات الله المقدسة مطلقا . اننا سنذكر بعض الاحاديث ونجمع بينها وبين ما في نظرنا القاصر ، ونجعل الانصاف هو الحكم ، على الرغم من ان هذا يخرج قليلا عن موضوعنا ، ولكن لعل فيه بعض الضرورة لرفع الشبهة وابطال الباطل .
الكافي باسناده عن ابي بصير : قال ابو جعفر عليه السلام : «تكلموا في خلق الله ولا تتكلموا في الله فان الكلام في الله لا يزداد صاحبه الا تحيرا» (1) .
يدل هذا الحديث بذاته على ان المراد هو التكلم في اكتناه ذات الله وكيفيته ومحاولة تعليله . والا فان الكلام في اثبات ذاته تعالى وسائر كمالاته وتوحيده وتنزيهه لا يوجب التحير . ولعل النهي موجه الى الذين يكون التكلم حتى في هذه الامور موجبا لحيرتهم . وقد احتمل المرحوم المحدث المجلسي رحمه الله هذين الاحتمالين ، اللذين قربناهما ، من دون تعليق ، ولكن قوى الاحتمال الاول .
وفي رواية اخرى عن حريز : «تكلموا في كل شيء ولا تتكلموا في ذات الله» (2) . وهناك روايات اخرى بهذا المضمون او قريبة منه ، مما لا نجد ضرورة لذكرها .
وفي «الكافي» عن ابي جعفر (محمد الباقر) عليه السلام قال : «اياكم والتفكر في الله ولكن اذا اردتم ان تنظروا الى عظمته ، فانظروا الى عظيم خلقه (3) .
الظاهر ان هذا الحديث ايضا يشير الى التفكر في كنه ذات الله ، لانه يقول في نهايته : «اذا اردتم ان تنظروا الى عظمته فانظروا الى عظيم خلقه» . اي استدلوا من عظمة المخلوق على عظمة الخالق عز وجل . ويكون هذا على سبيل المثال لمختلف طبقات الناس الذين يمر طريق معرفتهم من خلال المخلوق .
هذه الاحاديث وامثالها التي تنهى عن التكلم في ذات الله والتفكر فيه هي نفسها دليل على ما نقصده . والحديث الذي يوضح هذا الامر هو الحديث الشريف في «الكافي» في باب التفكر .
عن ابي عبد الله (جعفر) الصادق عليه السلام قال : «افضل العبادة ادمان التفكر في الله وفي قدرته» (4) .
وفي حديث آخر في «الكافي» :
Page 189