Arbacun Hadithan
الاربعون حديثا
Genres
وطاهرة ، اذا ، على الانسان ان يكون مثل الطبيب العطوف الحاذق ، والممرض الشفيق المطلع على حالات النفس ، يراقب اعماله وتطوراته دائما ولا يغفل عن ذلك ابدا ، وان يعلم انه ما من مرض اخفى ، وفي الوقت نفسه افتك ، من الامراض القلبية ، وانه ما من ممرض يكون اشفق واعطف على الانسان ، من نفسه .
فصل: في معالجة النفاق
اعلم ان لعلاج هذه الخطيئة الكبيرة طريقان :
احدهما : هو التفكير في المفاسد التي تنتج عنها . ذلك ان الانسان في هذه الدنيا اذا عرف بهذه الصفة بين الناس سقط من انظارهم ، وافتضح بين الخاصة والعامة ، وفقد كرامته بين اصحابه ، فيطردونه من مجالسهم ، ويتخلف عن محافل انسهم ، ويقصر عن اكتساب الكمالات وبلوغ المقاصد . فعلى الانسان ذي الشرف والضمير ان يطهر نفسه من هذا العار الملطخ للشرف ، لكيلا يبتلى بامثال هذه الحالات من الذل والضعة . كذلك الامر في عالم الآخرة ، عالم كشف الاسرار . اذ كل ما هو مستور في هذه الدنيا عن انظار الناس لا يمكن ستره في عالم الآخرة . فهناك يحشر وهو مشوه الخلقة بلسانين من نار ، ويعذب مع المنافقين والشياطين .
اذا ، فالانسان العاقل اذا ما راى هذه المفاسد ، ولم يجد لذلك الخلق نتيجة غير القبح والرذيلة ، وجب عليه ان يتجنب الاتصاف بهذه الصفة والسلوك للمعالجة وهو :
الطريق الآخر : وهو الاسلوب العملي لعلاج النفس وهو ان يراقب الانسان حركاته وسكناته بكل دقة وتمحيص لتفرة من الوقت ، وان يعمد الى العمل بما يخالف رغبات النفس وتمنياتها ، وان يجاهد في جعل اعماله واقواله في الظاهر والباطن واحدة وان يبتعد عن التظاهر والتدليس في حياته العملية ، وان يطلب من الله تعالى ، خلال ذلك ، التوفيق والنجاح في التغلب على النفس الامارة واهوائها ، ويعينه في محاولاته العلاجية . اذ ان فضل الله تعالى على الناس ورحمته بهم لا نهاية لها . وهو يشمل بعونه كل من خطا نحو اصلاح نفسه ، ويمد يد الرحمة لانتشاله . فاذا ثابر على ذلك بعض الوقت ، كان له ان يرجو لنفسه الصفاء والانعتاق من النفاق ذي الوجهينية ، وان يصل الى حيث يتطهر قلبه من هذه الرذيلة ليصبح موضع الطاف الله ورحمة ولي نعمته الحقيقي . وذلك لان التجربة والبراهين تدل على انه ما دامت النفس في هذه الدنيا ، كانت منفعلة بما يصدر عنها من افعال واقوال ، الصالحة منها والطالحة ، ويكون لكل ذلك اثر فيها . فاذا كان العمل صالحا ، كان اثره نورانيا كماليا ، واذا كان خلاف ذلك ، كان اثره الاربعون حديثا :157
Page 156