بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا سبيل الحق، بنصب الأدلة والبراهين، وأرشدنا إلى طريق ابطال المبطلين، ودلنا على جواد شوارع الدين، وأوردنا مشارع أنهار علم اليقين، وصلى الله على محمد أفضل المرسلين، وآله الأبرار الأخيار الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فاني لما رأيت أفضل ما يتقرب به إلى رب العالمين، بعد معرفة الله ومعرفة نبيه سيد المرسلين، معرفة الأئمة الاثني عشر الأطهار المعصومين، لأن معرفتهم من أعظم أصول الدين.
جمعت في هذا الكتاب أدلة قاطعة على إمامتهم، هن خير البراهين، مفتتحا بالنصوص الواردة في كتب المخالفين على امامة مولانا ومولى الأنام أمير المؤمنين عليه السلام، مع الأجوبة الواضحة عن تأويلات المعاندين، وشبهات المخاصمين، ومختتما ببيان بعض عقائد أهل السنة في الفروع وأصول الدين.
ولاشتمال الكتاب على أربعين دليلا على امامة الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين، سميته الأربعين في امامة الأئمة الطاهرين، وأنا عبد عبيدهم محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي ثم النجفي، نزيل قم دار المؤمنين، لعل الله أن يجعله وسيلة أن يدخلني في شفاعتهم يوم الدين، توكلت على الله وفوضت أمري إلى رب العالمين.
أما الفاتحة، ففي
Page 31
النصوص الواردة في كتب المخالفين على امامة أمير المؤمنين عليه السلام مع الأجوبة عن شبه المعاندين وإنما اكتفينا هاهنا بنقل هذا النوع من الأحاديث، لأن ما لم يكن من هذا النوع من مناقبه أكثر من أن تحوي هذا الكتاب، وقد صنف المصنفون فيها مصنفات كثيرة، ومجلدات كبيرة.
حتى قال السيد المرتضى قدس سره: اني سمعت شيخا مقدما في الرواية من أصحاب الحديث، يقال له: أبو حفص عمر بن شاهين، يقول: اني جمعت من فضائل علي عليه السلام ألف جزء يعني بها الكراريس (1).
ونقل عن ابن عبد البر (2) صاحب كتاب الاستيعاب، أنه ذكر فضائل جليلة له عليه السلام، ثم اعترف بالعجز عن حصرها (3).
ونقل عن الخوارزمي في الأربعين، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ان الله تعالى جعل لأخي علي بن أبي طالب فضائل لا تحصى عددها كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولو وافى القيامة بذنوب الثقلين، ومن كتب فضيلة من فضائل علي، لم تزل الملائكة تستغفر (4) له ما بقي من تلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر (5).
ونقل عن ناصر بن أبي المكارم المطرزي الخوارزمي في شرح المقامات، وهو
Page 32
من أعيان المخالفين، قال: حدثنا صدر الأئمة أخطب خطباء خوارزم موفق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي، ورفع السند إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والانس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب (1).
ونعم ما قال الشاعر الأعجمي:
كتاب فضل تورا آب بحر كافى نيست كه تر كنى سر انگشت وصفحه بشمارى ولظهور فضائله، ووفور مناقبه، قد صنف جماعة من أهل السنة في فضائله وفضائل أولاده عليهم السلام عدة مصنفات: صنف ابن جرير كتاب الغدير، وابن شاهين كتاب المناقب، وابن شيبة كتاب أخبار علي وفضائله، والجاحظ كتاب العلوية في فضائل (2) بني هاشم على بني أمية، والأصفهاني كتاب منقبة المطهرين، وما انزل في القرآن في أمير المؤمنين، وأبو المحاسن الروياني كتاب الجعفريات، والموفق المكي كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين، والشيرازي نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين، والمؤذن كتاب المناقب (3) في فضائل فاطمة، وابن مردويه كتاب رد الشمس في فضائل أمير المؤمنين، وابن حنبل مسند أهل البيت، والنطنزي الخصائص العلوية على سائر البرية، وابن المغازلي كتاب المناقب، والبستي كتاب المراتب، والبصري كتاب الدرجات، والخطيب كتاب الحدائق. قد نسب هذه المصنفات إلى هؤلاء المخالفين في كتاب الصراط المستقيم (4).
Page 33
وقد رأيت عدة مصنفات للمخالفين غير ما ذكر، منها: كتاب فصول المهمة في فضائل الأئمة لبعض المالكية (1)، وكتاب لأخطب (2)، وكتاب لابن طلحة الشافعي (3).
كمليحة شهدت لها ضراتها والفضل ما شهدت به الأعداء ولا ريب أن ظهور فضائل أهل البيت عليهم السلام من الأولياء والأعداء، مع وفور الدواعي على اخفائها، ليس الا بتسخير من الله سبحانه معجزة لهم عليهم السلام.
واعلم أن ما ورد في هذا الكتاب من أحاديث المخالفين وأخبارهم، فقد أخذتها من صحيح البخاري، ومسلم، وكتاب الفردوس للديلمي، والمصابيح للبغوي، وكتاب شرح نهج البلاغة للشيخ الفاضل ابن أبي الحديد من علماء المعتزلة، وكتاب رجال المشكاة، وكتاب حياة الحيوان لأبي البقاء محمد بن موسى بن عيسى الشافعي، وأحكام الماوردي، وكتاب شرح المواقف، وكتاب شرح المقاصد، وكتاب شرح المختصر للعضدي، وشرح صحيح البخاري، وتاريخ أعثم الكوفي.
ومن كتب ثقات أصحابنا وهداة مذهبنا رضوان الله تعالى عليهم، منها: كتاب الشافي، تأليف السيد الجليل، والحبر النبيل، العالم العلامة الفقيه الفهامة، محيي آثار سيد الأنبياء، السيد المرتضى علم الهدى.
وكتاب الصراط المستقيم، للشيخ الفاضل الكامل، علي بن محمد بن يونس، ولم أر كتابا جامعا في الإمامة مثله، وقد أخذ أحاديثه من كتب كثيرة للخاصة والعامة، منها: كتاب الكشاف للزمخشري، ومنهاج المحدثين للنووي، وبغية الطالبين للكنجي
Page 34
الشافعي، والملل والنحل للشهرستاني، وكتاب القاضي النعماني، وبصائر الانس للكيدري، والاستيعاب ليوسف بن عبد البر، ومطالب السؤول لابن طلحة، وكشف معايب المتصوفة، ومقتضب الأثر لمحمد بن عبد الله بن عياش، ونهج الايمان لابن حبر، وغيرها من الكتب (1).
ومنها: كتاب العمدة وعيون الأخبار، تأليف الشيخ الجليل، العالم الفقيه، شمس الدين جمال الاسلام، أبي الحسين يحيى بن الحسن بن علي بن محمد البطريق الأسدي الحلي رحمه الله، وهو كتاب في مناقب مولانا وسيدنا أمير المؤمنين عليه السلام.
وقد استخرج أحاديثه من صحيح مسلم والبخاري، ومن كتاب الجمع بينهما للحميدي، ومن كتاب الجمع بين الصحاح الستة: من موطأ مالك بن أنس الأصبحي، وصحيحي مسلم والبخاري، وكتاب السنن لأبي داود السجستاني، وصحيح الترمذي، والنسخة الكبيرة من صحيح النسائي، من جمع أبي الحسن رزين بن معاوية الأندلسي الملقب بامام الحرمين، ومسند أحمد بن حنبل الشيباني، وتفسير القرآن للاستاد أبي إسحاق الثعلبي، ومن مناقب الفقيه الشافعي أبي الحسن علي بن محمد المعروف بابن المغازلي (2).
ومنها: كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة، تأليف الشيخ السعيد الفاضل العلامة، بهاء الدين علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي تغمده الله برحمته.
ومنها: كتاب الطرائف، تأليف العالم الفاضل الموفق المؤيد المهتدي أبي محمود الذمي (3).
Page 35