لولا السخرية لكانت الدنيا غابة لا طير فيها، السخرية مسرة التفكير وبهجة الحكمة. ***
من يدري ما تولده الألاعيب في نفوس الأطفال من أحلام؟ ***
نحن أطفال مقضي علينا أن نظل أطفالا إلى الأبد، لا نفتأ نعدو وراء ألاعيب جديدة. ***
الحقيقة هي أن الحرب من لوازم الطبيعة الإنسانية، وأنه يتعذر تصور شعوب لا يحارب بعضها بعضا، أعني لا يكونون قتلة منها بين محرقي القرى، كذلك يتعذر تصور ملك أو أمير ليس بمغتصب، وإن قليلا؛ لئلا يزدري ويلام على زهده في المجد أشد اللوم. الحرب إذن ضرورية للإنسان، بل هي ألزم لطبعه من السلم الذي لا يكون إلا فترة أو هدنة؛ لذلك كنا نرى الملوك والأمراء يقذفون جيوشهم بعضها ببعض لشر العلل وأتفه الأعذار، فيتوسلون إلى الحرب بشرفهم، ويا لله ما أدقه وأسرع انفعاله ! يكفي نفخة ضعيفة لإحداث لطخة لا تغسل إلا بدم عشرة، أو عشرين، أو ثلاثين، أو مائة ألف رجل، على نسبة عدد السكان، ومهما أطلنا الروية فلن نفهم كيف يغسل شرف الأمير بدم هؤلاء المساكين، ولكننا نعلم أن هذه الألفاظ خلو من المعنى، وأن الناس يقدمون على الموت غير وجلين من أجل ألفاظ، وثمة ما هو أعجب، فإن الأمير يصيب فخرا عظيما من سرقة ولاية، وإذا كان التعدي الذي يأتيه فرد جريء جزاؤه الموت، فهو أمر ممدوح إذا قام به الملك بعون جنوده المرتزقة، مظهرين فظاعة لا مثيل لها. ***
كل تبدل مادي يتبعه تبدل معنوي؛ لأن الآداب والعادات مرتبطة بالبيئة، وبديهي أن التبديل الذي يحدثه الإنسان في أرضه هو أبلغ وأحسن نظاما من التبديلات التي تحدثها سائر الحيوانات، إذن فلماذا لا تعمل البشرية على تهذيب طبيعتها كي تجعلها مسالمة؟ لماذا لا توفق ذات يوم إلى القضاء على تنازع البقاء، أو بالأقل إلى تنظيمه؟ لماذا لا تنسخ شريعة القتل؟ ليس بعجيب أن نرجو من الكيمياء كثيرا، ولكني لا أجزم بشيء، فمن الممكن أن يستمر النوع الإنساني على سويدائه وهوسه وجنونه؛ حتى يحين فناؤه المحزن في الجليد والظلمات، ولعل هذا العالم مركب على الشر بلا أمل في شفائه. ***
يندر أن يثري من اتخذ التنبؤ بالمستقبل مهنة، فإن الناس لا يلبثون أن يعرفوا كذبه وخداعه فيبغضوه بغضا شديدا، ولكن يجب أن يكون بغضنا إياه أشد لو كان صادقا في نبوءاته، فإن حياة المرء إذا عرف ما سيحدث له تصبح عبثا لا يطاق حمله، وويلا لا يصبر عليه، فهو يكتشف شرورا مستقبلة تؤلمه قبل وقوعها، ولا ينعم بالخيرات الحاضرة؛ لأنه يرى نهايتها. إن الجهل شرط لا غنى عنه في سعادة البشر، ومن المسلم أنهم على الأغلب يوفون هذا الشرط حقه، فنحن نكاد نجهل من نفسنا كل شيء، ولا نعلم من غيرنا شيئا، في الجهل طمأنينتنا، وفي الكذب سعادتنا. ***
الحسن في الشبيبة هو أنها قادرة على أن تعجب بالأشياء دون أن تفهم لها معنى، لكن المرء إذا تقدم في السن أراد أن يدرك علاقات الأشياء، فهو إذن يرمي بنفسه في الضيق. ***
في الغريزة وحدها الحقيقة، فيها وحدها اليقين الذي قدر للبشر أن يبلغوا إليه في هذه الحياة الوهمية، ومن عقله يجني المرء ثلاثة أرباع الشرور التي عرفها الإنسان.
يقول شيخنا كوندياك: إن أذكى الناس هو أيضا أعظمهم قابلية للخطأ. ***
يجب على الرجل المستقيم أن ينقد الأقدار ثمن ما يشتري منها. ***
Unknown page