244

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

Publisher

دار الهلال

Edition Number

الأولى

Publisher Location

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

Genres

مضاعفة هجمات المشركين؛ لظنهم أنهم نجحوا في غاية مرامهم، فاشتغل الكثير منهم بتمثيل قتلى المسلمين.
الرسول ﷺ يواصل المعركة وينقذ الموقف
ولما قتل مصعب أعطى رسول الله ﷺ اللواء علي بن أبي طالب، فقاتل قتالا شديدا، وقامت بقية الصحابة الموجودين هناك ببطولاتهم النادرة يقاتلون ويدافعون.
وحينئذ استطاع رسول الله ﷺ أن يشق الطريق إلى جيشه المطوق، فأقبل إليهم، فعرفه كعب بن مالك- وكان أول من عرفه- فنادى بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله ﷺ، فأشار إليه أن أصمت وذلك لئلا يعرف موضعه المشركون، إلا أن هذا الصوت بلغ إلى آذان المسلمين، فلاذ إليه المسلمون حتى تجمع حوله حوالي ثلاثين رجلا من الصحابة.
وبعد هذا التجمع أخذ رسول الله ﷺ في الإنسحاب المنظم إلى شعب الجبل، وهو يشق الطريق بين المشركين المهاجمين، واشتد المشركون في هجومهم، لعرقلة الإنسحاب إلا أنهم فشلوا أمام بسالة ليوث الإسلام.
تقدم عثمان بن عبد الله بن المغيرة- أحد فرسان المشركين- إلى رسول الله ﷺ وهو يقول: لا نجوت إن نجا. وقام رسول الله ﷺ لمواجهته. إلا أن الفرس عثرت في بعض الحفر، فنازله الحارث بن الصمة، فضرب على رجله فأقعده، ثم ذفف عليه، وأخذ سلاحه، والتحق برسول الله ﷺ.
وعطف عبد الله بن جابر- فارس آخر من فرسان مكة- على الحارث بن الصمة، فضرب بالسيف على عاتقه، فجرحه حتى حمله المسلمون، ولكن انقض أبو دجانة- البطل المغامر ذو العصابة الحمراء- على عبد الله بن جابر، فضربه بالسيف ضربة أطارت رأسه.
وأثناء هذا القتال المرير، كان المسلمون يأخذهم النعاس أمنة من الله، كما تحدث عنه القرآن. قال أبو طلحة: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مرارا، يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه «١» .
وبمثل هذه البسالة بلغت هذه الكتيبة- في انسحاب منظم- إلى شعب الجبل وشق

(١) صحيح البخاري ٢/ ٥٨٢.

1 / 249