238

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

Publisher

دار الهلال

Edition Number

الأولى

Publisher Location

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

Genres

وكانت هناك طائفة ثالثة لم يكن يهمهم إلا رسول الله ﷺ. فقد كرت هذه الطائفة إلى رسول الله ﷺ، وعمل التطويق في بدايته، وفي مقدمة هؤلاء أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم ﵃ كانوا في مقدمة المقاتلين، فلما أحسوا بالخطر على ذاته الشريفة- ﵊ والتحية- صاروا في مقدمة المدافعين.
إحتدام القتال حول رسول الله ﷺ
وبينما كانت تلك الطوائف تتلقى أواصر التطويق، تطحن بين شقي رحى المشركين، كان العراك محتدما حول رسول الله ﷺ، وقد ذكرنا أن المشركين لما بدأوا عمل التطويق لم يكن مع رسول الله ﷺ إلا تسعة نفر، فلما نادى المسلمين: هلم إليّ، أنا رسول الله، سمع صوته المشركون وعرفوه، فكروا إليه وهاجموه، ومالوا إليه بثقلهم قبل أن يرجع إليه أحد من جيش المسلمين، فجرى بين المشركين وبين هؤلاء النفر التسعة من الصحابة عراك عنيف، ظهرت فيه نوادر الحب والتفاني والبسالة والبطولة.
روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: «من يردهم عنا وله الجنة؟ أو هو رفيقي في الجنة؟» فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضا فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله ﷺ لصاحبيه- أي القرشيين- «ما أنصفنا أصحابنا «١»» .
وكان آخر هؤلاء السبعة هو عمارة بن يزيد بن السكن، قاتل حتى أثبتته الجراحة فسقط «٢» .
أحرج ساعة في حياة الرسول ﷺ
وبعد سقوط ابن السكن بقي الرسول ﷺ في القرشيين فقط، ففي الصحيحين عن أبي عثمان قال: لم يبق مع النبي ﷺ في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن غير طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص «٣» وكانت أحرج ساعة بالنسبة إلى حياة رسول الله ﷺ،

(١) صحيح مسلم، باب غزوة أحد ٢/ ١٠٧.
(٢) وبعد لحظة فاءت إلى رسول الله ﷺ فئة من المسلمين فأجهضوا الكفار عن عمارة، وأدنوه من رسول الله ﷺ، فوسده قدمه، فمات وخده على قدم رسول الله ﷺ. (ابن هشام ٢/ ٨١) .
(٣) صحيح البخاري ١/ ٥٢٧، ٢/ ٥٨١.

1 / 242