51

Aqzam Jababira

أقزام جبابرة

Genres

قال كبير الفعلة: اندهوا

6

أبو فارس.

فطار إليهم إذ سمع اسمه، خاف أن تذهب دقيقة ضياعا، ولعجلته عثر، ولكنه ما بالى بسقطته، فهرول وهو يمسح ما علق بذيل شرواله من تراب وزبل ... ثم أدرك أنه رمى الزبل في أرض جاره فانحنى يلمه ورماه في أرضه. كان أمرهم بقطع الجذور المنسابة من عند جاره، فلما رأى جذور أشجاره تسعى في أرض جاره وراء رزقها بهت واحتار، ولكنه اختار أهون الشرين فصاح بالفعلة: سلمت أيديكم يا شباب، استريحوا، الله يعطيكم ألف عافية، لفوا سيكارة.

هذي أول مرة يسمعون فيها كلمة سلمت أيديكم، فهو لا يرضيه فاعل مهما جد واجتهد، وشعاره مع الفعلة: من يأخذ مالي آخذ روحه.

قعد الفعلة باسمين، وفتح أبو فارس كيسه ولف سيكارة، إنها لا تلف وقت الشغل إلا بفرمان يصدره صاحب الورشة، وكثيرا ما يتقاعس أبو فارس عن إصداره متناسيا ساعة الراحة ... فشكروا للجذور التي اعترضت عملهم فاستصدرت الفرمان.

7

تمددوا على التراب كأنهم على فراش ناعم، فالمطر العابر لم يبلل الأرض، وأخذوا يتنادون. أما أبو فارس فكان يفكر بماذا يعمل، لقد نبش الأساس فهل يطمه؟ وأي فائدة جنى؟ ثم ما نفع حبة تراب يحرص عليها ويتكلف ما يتكلف ما دامت الجذور لا تقتسم الأرض كالناس؟ وجرته فكرته إلى ناحية مجهولة فاضطرب، ولكنه أخفى اضطرابه. مرت في خاطره نزوات فلسفية لم يستطع التعبير عنها ... وتذكر إذ ذاك جاريه بو طنوس وبو خليل اللذين اختلفا على شبر أرض فاستخف عقلهما.

وفي تلك الدقيقة الخطيرة من تاريخ حياته التفت إلى فوق فرأى على عرض الطريق شيخين قاحلين يابسين. كان هذان الشيخان واقفين ينظران هازئين بعمل أبو فارس الشحيح، ساءهما أن يعييهما الفصل في قضية «الحد» المستعصية بين بو طنوس وبو خليل، فشقت الضيعة حزبين.

قال أحد الشيخين: الشر شرارة، كان الخلاف على شبر أرض فصار غرضية وحزبية، انشقوا وشقوا الجوار معهم.

Unknown page