قلت: معلوم، مؤكد، أما ...
فانتفض وقال: بلا أما، وبلا مما، سماع ما كفيت بعد: و«ليلى» جاهلة ومن يقنعها أنها جاهلة؟ كل دخل إخوتها لا يكفيها ثمن بودرة وحمرة.
و«جميلة» لا تعرف شيئا من أمور البيت، غريبة عن أورشليم، تستعين ببنات الجيران على تفصيل قميص، وترقيع صديرية، وإذا كانت لا تحسن تدبير نفسها فكيف تدير بيت صاحب ملايين؟
وأخيرا تنهد تنهيدة بقرة وقال: ما بقي إلا «المحروسة»، عرفتها طبعا، آه! هذي كانت موافقة جدا، ولكنها تكبرت علينا، عرفت أني أحبها من كل قلبي فتدللت. قالوا لي إنها جنت، مسكينة! تمر أغلب الأحيان على الطريق فينسلخ لها قلبي، صارت تهرب من الناس، ما صدقت حتى رأيت بعيني.
والتفت فرآها فقال لي: انظر، هذي هي، تأمل كيف مالت عن الدرب، حقيقة إن الإنسان متى فقد عقله صار كلا شيء.
فقلت: والديون يا إبراهيم، متى تحصلها؟
فقال: أمس طالبت السلطان عبد الحميد مطالبة مرة، خوفوني من حالته المالية، يفرجها الله يا شيخ، ملايين كثيرة.
وكان في الأسكلة مجنونة اسمها «حلا» يشتد جنونها على الهلة، فقال لي إبراهيم: سماع صريخها، هذي حلا، مسكينة! جننها واحد اسمه مرقص. يا حلا، سدي بوزك، خمنت أنك وحدك مجنونة؟
وهم بالعود إلى حديث النساء فإذا بأربعين خمسين رأسا من البقر تساق صوب بيروت فقال: هذي البقر لي.
ووقف يحدث أصحابها، ويوصيهم بالصبر على البيع ليحصلوا على أحسن الأسعار: توقوا أولاد الحرام، خذوا، هذي توصية لوالي بيروت خليل بك، كتبت له أن يعطيكم عشرة آلاف ليرة، قيدوها له على الحساب.
Unknown page