128

Aqzam Jababira

أقزام جبابرة

Genres

ثم أقبل الخامس فأشارت إحدى العجائز أن يسموه باسم أحد الوحوش ليردوا عنه «القرينة» التي خنقت إخوته جميعا، فقالت الأم إنها علقت في رقابهم جميعا «كتاب مار قبريانوس» وطوق قصحيا، والله العظيم ما تركت واحدا بلا كتاب ولا طوق، عن مذبح كل قديس أخذت بركة، يا قلة الحظ!

فقالت العجوز: اعملي مثلما قلت لك، سميه نمرا أو أسدا أو فهدا فلا تقربه «المطرودة» أبدا، نسوان كثير أصابهم مثلما أصابك وخلصتهم بهذه الواسطة.

ثم كان مؤتمر خماسي من الجدين والأبوين والعجوز، فاختاروا اسم فهد للمحروس الخامس، وتهللت الأم وعاشت زمنا بهذا الأمل الجديد.

وجاء يوم العماد فحملت الولد عرابته، ومشى والده وعرابه خلفهما إلى الهيكل حيث كان الكاهن والشمامسة وبعض الأقارب ينتظرون، وشرع الكاهن في رتبة العماد، ولما بلغ قوله: أنا أعمدك يا ... سأل العراب عن الاسم المختار، فتعالت أصوات من الشعب: فهد، فهد، يا أبونا.

فرقصت لحية الخوري غضبا وقال: فهد، ايش هو هذا الاسم؟ الوحوش في غنى عن العماد، أنا لا أعمد الضباع والفهود، هاتوا اسم قديس، فاهد، ما شاء الله! - نرجوك يا محترم. - لا لا لا، مستحيل يا أولادي، مستحيل، لا تجربوني. وكان الجد من العارفين بهذه الأصول فصاح بهم: لا تغلطوا الخوري، الخوري معه حق. سم يا معلمي الاسم الذي تريده.

فتماسك الخوري وضبط نفسه وقال: أنا أعمدك يا ساسين باسم الآب والابن والروح القدس.

فهمس الشيخ في أذن جاره: هذا اسم قديس ابن عم فهد. ثم قال للخوري: عال يا معلمي، عال، كان الله قاعد على لسانك، أصبت عصفورين بحجر واحد.

وجاء دور الغداء فأكلوا في البيت طعاما شهيا أعدته أم فهد، وتأنقت فيه ما شاءت، وخرج الكاهن داعيا للولد بالسلامة، وللبيت بالبركة ...

وفي ليل ذلك النهار استيقظت لوسيا على صراخ ولدها، فأخذت تصلب فوق سريرة، ثم جاءت بكتاب مار قبريانوس فعلقته فوق رأسه في عمود السرير الأفقي، فنام حتى الصباح.

ومرت أيام وأسابيع لم يشك فيها الطفل ألما ولم يوجعه شيء، ثم حبا ودب وتجاوز عمر إخوته، وأمه ما تزال مضطربة، خافت ألا يكون اسم فهد كافيا لصد «القرينة» فقالت في نفسها: لماذا لا نلتجئ إلى مار ساسين سميه في العماد؟ مار ساسين قديس نشيط، تفزع به الأمهات الأولاد متى تشيطنوا.

Unknown page