124

Aqzam Jababira

أقزام جبابرة

Genres

ومر واحد من لداته فعزم عليه فعرج، وقعدا يتذكران أيام الشباب ويتحدثان عن الدينا الزائلة، وذكر له شلهوب أنه أبصر في منامه زوجته، وتذاكرا في تأويل ذلك الحلم، فأجمعا الرأي على أن زوجة شلهوب محتاجة إلى معونة روحية، فنوى شلهوب على إعطاء خوري الضيعة حسنة قداس.

وأيقظ ابنه الصغير، فأخرج المعزى من المراح، وبعد أن استعرض شلهوب ذلك الجيش، شيع «الشيخ» - وهو كراز عزيز على قلبه - بنظرات أبوية وابتسامات مملوءة إعجابا، ثم أخذ مسبحته وتمشى يصلي فرضه.

وفي مساء هذا اليوم الجميل نفضت شلهوب البرداء فاصطكت أسنانه، قاوم ما استطاع، ولكنه لم يثبت فنام.

وطالت نومته وكثر عواده، فهو على حرصه وتهالكه على الدنيا كان يغالي في عيادة المرضى ابتغاء للأجر. كانت مروته عظيمة، جواد سخي بكل ما لا يمس كيسه، ولكل شيء عنده حساب مقوم.

وساءت حال شلهوب فاستعدت الضيعة ليومه، وليس المأتم في القرية بالأمر الهين؛ فعلى كل بيت واجبات كإطعام المؤاجرين، وتقديم المرطبات، والسيكارات، والقهوة حتى الكحول والنقل والإركيلة.

وبان الموت في شلهوب فقعد الخوري حد رأسه لا يفارقه خوفا عليه من عدو البشر، والناس شطران، شطر يروح وشطر يجيء. والغادي يسأل الرائح: أين صار؟ أما المحترم فكان يجيب الجميع بضجر: الأمر بيد الله ... ما بقي إلا القليل.

وقف دولاب العمل في القرية، فجميعهم ينتظرون الساعة، وعقرب الساعة بطيء جدا.

وكانت الحشرجة تتقطع فيخالون أنه مات حتى إذا امتدت يد إلى الكمر ردتها يد شلهوب وعاد يغرغر.

وبلغ أنسباء شلهوب في القرى النائية أنه نوى الرحيل، فتهافتوا على القرية فملئوها، واستحالت البيوت مطابخ، فاستهلك العواد ما هيئوه ليوم الدفن، فهرع صاحب الدكان إلى البندر يتحوج. وطال نزاع شلهوب فراح الناس يعللونه على عادتهم فقال واحد: في رقبته ذخيرة عود الصليب، فأجابه الآخر: من أين له الذخيرة؟ فتشه الخوري فما وجد غير ثوب السيدة.

فقال آخر: إذن واقد نير.

Unknown page