قل لي، ماذا تريد الآن؟!
انسابت لهجتها الباردة الجافة في أعصابه كالمخدر، ووجد نفسه يقتطع الكلمات من جسده اقتطاعا: أريد ... أريد تفسيرا ... تفسيرا لما رأيته أمس؟!
وانفجرت ضاحكة، وأطار ضحكها ثمالة الصبر من رأسه، فتحركت يداه في عنف، وأدركت ما يرمي إليه، فقالت وهي تربت على كتفه: لا تكن عصبيا فتفسد الجميل - الجميل الذي صنعته - أتعرف أنه لولاك لما تحول إعجابه إلى غرام عنيف؟! لقد أديت لي خدمة لن أنساها، إن شبحك في خياله كفيل بتنفيذ ما أريد! والآن، لا تكن أحمق! إنه قد يصحو في أية دقيقة.
لا يدري، هل هي التي أغلقت الباب في عنف، أم هو الذي جذبه بشدة لكي يحجب عن عينيه وجهها. لقد وجد نفسه يهبط الدرج في وهن وإعياء، حائر اللب، كمن دفن حبيبا؟! •••
جلس في مساء ذلك اليوم إلى أصدقائه، ودار الحديث عنها، كان وحده الذي ظل صامتا، لا يسأل ولا يجيب؟!
وقال أحدهم يداعبه: ألن تتعشى معها اليوم أيضا ... أم فشلت المفاوضات من أول جلسة ؟
وقال آخر: بل فشلت بالتأكيد ... إنها تتمسك دائما بطلباتها.
وقال ثالث: بل إنني أراهن أن المفاوضات قد قطعت معه، إنها الآن تملك كنزا. - من؟! - سيد بك زهران؛ ثري الحرب المعروف. إنه وقع في حبائلها، وأغلب الظن أنه سيقوم بدور المغفل الثالث الذي تعبث به. •••
ووجد نفسه ينطق أخيرا؛ ينطق في هدوء كمن يصدر حكما صائبا بعد طول التفكير: لا أظن ذلك؛ إنه المغفل ... الرابع!
الأجير
Unknown page