63

ʿAqīdat al-Walāʾ waʾl-Barāʾ – al-Muqaddim

عقيدة الولاء والبراء - المقدم

Genres

قصة كعب بن مالك
من مظاهر الولاء والبراء ما وقع في قصة كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه، فحينما أمر النبي ﷺ الصحابة أن يهجروا كعب بن مالك وصاحبيه؛ لتخلفهم عن غزوة تبوك، فلم يكلموهم، ولم يسلموا عليهم، ف كعب بن مالك هجره كل الناس حتى زوجته، يقول كعب: فبينما أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟! فطفق الناس يشيرون إليه، يعني: هذا هو كعب بن مالك احتياطًا في تنفيذ أمر الرسول ﷺ بعدم الكلام معه، فلم يتكلموا، ولكن أشاروا فقط بدون الكلام؛ لأن النبي ﷺ نهاهم عن الكلام معه، يقول: حتى إذا جاءني دفع إلي كتابًا من ملك غسان.
انظروا إلى سرعة التجسس، فقد وصل إلى ملك غسان أن هؤلاء الثلاثة قد قاطعهم النبي ﷺ والصحابة، وشق ذلك عليهم مشقة شديدة، فقد استمرت المقاطعة لمدة خمسين يومًا.
يقول: فإذا فيه: أما بعد: فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك.
فقلت لما قرأتها: وهذا أيضًا من البلاء، فيممت بها التنور -الفرن- فسجرتها.
أي: فأشعل النار في هذا الكتاب.
وهذا أيضًا من أعظم مظاهر الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين رغم هذا الإغراء من عدو الله اللعين، وقد أخبر رسول الله ﷺ أن من علامات الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

4 / 16