36

Aqeedah of Loyalty and Disavowal - Al-Muqaddim

عقيدة الولاء والبراء - المقدم

Genres

العبادة في الهرج كالهجرة إلى النبي ﷺ
يقول النبي ﷺ في الحديث الذي رواه معقل بن يسار ﵁: (العبادة في الهرج كهجرة إلي) أخرجه مسلم والترمذي.
قول النبي ﷺ: (العبادة في الهرج) هو: الفتنة واختلاط أمور الناس، (كهجرة إلي) قال النووي ﵀: وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها -كما في مثل هذه الأزمان- ويشتغلون بالدنيا، ولا يتفرغ لعبادة الله ﷾ وذكره وطاعته إلا الأفراد القلائل من الناس.
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وجاء تفسير أيام الهرج فيما أخرجه الإمام أحمد والطبراني بسند حسن من حديث خالد بن الوليد أن رجلًا قال له: يا أبا سليمان! اتق الله؛ فإن الفتن قد ظهرت، فقال: أما وابن الخطاب حي فلا.
يعني: الفتن كان بينها وبين المسلمين باب وهو عمر، فإذا كسر هذا الباب جاءت الفتن كما هو معلوم في التاريخ، فقال خالد بن الوليد ﵁: أما وابن الخطاب حي فلا، إنما تكون بعده، فينظر الرجل فيفكر هل يجد مكانًا لم ينزل به مثلما نزل بمكانه الذي هو به من الفتنة والشر فلا يجد.
وهذا الأثر ينطبق علينا في هذا الزمان، فالإنسان عندما يتأمل في أي مكان حوله لا يجد شبرًا قد خلا من الفتنة، فقد تكون جالسًا في بيتك، تعتزل الناس، فيدخلون عليك الموسيقى والتلفزيون والفيديو والأغاني إلى البيت، فتجد أنه ما خلا شبر من هذه الفتن! وقد جاء تفسير الهرج في بعض الأحاديث بأنه كثرة القتل وإراقة الدماء.
قال المناوي ﵀: (كهجرة إلي) يعني: من يثبت على دينه في وقت الغربة، ووقت الفتنة التي تصرف الناس عن دينهم، وتعظيمه وإقامة حدوده، يقول: فمن صبر على ذلك فثوابه كأنه هاجر إلى النبي ﷺ، ونال الثواب الكثير، أو يقال: الهجرة في الأول كانت قليلة لعدم تمكن أكثر الناس من ذلك، فهكذا العابد في الهرج قليل، قال ابن العربي: وجه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرون فيه من دار الكفر وأهله إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقعت الفتن تعين على المرء أن يفر بدينه من الفتنة إلى العبادة، ويهجر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة.
يعني: إذا لم يكن في استطاعة الإنسان أن يهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام، أو لم تكن أصلًا هناك دار إسلام، أو لم يستطع أن يهاجر من دار البدعة إلى دار السنة، أو من دار الظلم إلى دار العدل فعليه انتقال نفسي بأن يهجر المعاصي، ويهجر المحرمات، فينتقل من الفتنة إلى طاعة الله ﷾، ويهجر معاصي الله، وهذا أحد أقسام الهجرة التي تجب على كل مسلم.

3 / 4