108

Approach to Da'wah in Light of Contemporary Reality

منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر

Publisher

جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Genres

قال تعالى: ﴿وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَىَ بِاللهِ وَكِيلًا﴾. [الأحزاب: ٤٨]
أي: امض في دعوتك، وثابر في تبليغك، متوكلًا على خالقك، غير ملتفت إلى عناد المعاندين من الكافرين، وخداع المخادعين من المنافقين، ولا تكترث بأذاهم، ولا تنشغل عن دعوتك بكيدهم.
وهكذا كانت سيرة الأنبياء من قبل، لا يعرفون في سبيل الدعوة إلى الله عنفًا، ولا انتقامًا .. إلا صبرًا وغفرانًا، ولذا لم نجد نبيًا من الأنبياء، واجه - من يدعوهم - بالقوة المادية في مقام الدعوة على الإطلاق، قال تعالى منبهًا نبيه الكريم ومن تبعه إلى ذلك: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٣٥]
فهذا نوح ﵊، مكث في قومه تلك المدة الطويلة، ألف سنة إلا خمسين عامًا، لم يضرب أحدًا، ولم ينتقم من أحد، على كثرة ما أوذي، وعلى شدة ما سُخر منه.
وكذلك الأنبياء؛ إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام جميعًا، لم يُعرف عنهم إلا الحلم على الناس، والصبر على أذاهم.
وأما رسول الله ﷺ وصحبه الكرام فقد ضربوا المثل العظيم، والقدوة المثلى في الصبر، والحلم على الذين آذوهم في الدعوة إلى الله تعالى، مع القدرة على أخذ الحق.
فعن عائشة ﵂ قالت: «ما ضرب رسول الله ﷺ شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه

1 / 110