Anwār al-Nabī (ṣ) asrāruhā wa anwāʿuhā
أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها
Genres
وكذلك يصير المرء عبد أمله وعبد سلطانه وعبد ماله وعبد ولده، فما تحقق بالعبودية لله إلا من استخلص قلبه له، فكان قلب المؤمن الذي وسعه، كما قال تعالى: «ووسعني قلب عبدي المؤمن (1)»، فذلك عبد الله الذي منه كل شيء، وهو من لي كل شيء، وولي كل شيء، والله وليه ومولاه، وهو العبد الذي يذهبه الله عنه فيجري عليه أمره كما فعل لعبد الله حبيبه حيث أجرى عليه اسمه العظيم في كتابه المبين فيما لا يكاد يحصى ولا يهتدى إليه إلا بعناية إفهام من الله إلا ما هو باد نحو قوله تعالى: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله [الفتح: 10]، حتى يجري ذلك على حواسه، كما قال في قوله: «فأكون سمعه وبصره (2)» الحديث.
فذلك عبد الله إذا ذكرت اسمه لم يبق من ورائه ذكر، فكان مضمنا لكل حمد، هو لعبد الله بما هو لله بما العبد من طينة سيده، والله الولي الحميد.
وقال الشيخ العطار في شرح الصلاة للشيخ الأكبر: (الجامع بين العبودية والربوبية):
فمظهره (صلى الله عليه وسلم) وسع الحق بجميع أسمائه وصفاته، وكل من هو كذلك كان مظهره جامعا لكل مظهر من مظاهر الحق تعالى، حيث أن كل واحد منها مظهر اسم من الأسماء، وكل الأسماء كانت بمظهره (صلى الله عليه وسلم)، فكان جامعا بين العبودية، أعني من حيث أن مظهره جمع كل مظهر؛ إذ المظهر خاضع لمن ظهر به عبد له.
والربوبية من حيث أن اسمه الظاهر به جمع كل الأسماء، وهو الاسم (الله) رب الأرباب، فعبوديته أحاطت بكل عبودية، وربوبيته أحاطت بكل رب.
فقد جمع (صلى الله عليه وسلم) بحقيقته الظاهرة بين العبودية والربوبية، كما جمع ذلك بباطنه وقد تقدم ذلك، ولم تكن هذه الجمعية لغيره أبدا؛ لعدم الحيطة التامة في غيره.
فهو العبد حقيقة، من أجل هذا ذكر في القرآن بلفظ العبد كقوله تعالى:
Page 266