Anwār al-Nabī (ṣ) asrāruhā wa anwāʿuhā
أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها
Genres
الوجداني؛ لعدم المناسبة والارتباط، ولم يصل إليه، فكان يفنى وأنه عمد السماوات والأرض، ولهذا السر برحلته من مركز الأرض التي هي صورة حضرة الجمع وأحديته، ومنزلة الخلافة الإلهية إلى الكرسي الكريم، والعرش المجيد، المحيطين بالسماوات والأرض، ينخرم نظامها، فبدل الأرض غير الأرض والسماوات.
إلى أن قال: فإذا انتقل انشقت السماء، وكورت الشمس، وانكدرت النجوم وانتثرت، وسيرت الجبال، وزلزلت الأرض، وجاءت القيامة، ولو لا ثبوته من حيث مظهريته في الجنة التي محلها الكرسي والعرش المجيد لكان الحال فيهما كالحال في الأرض والسماوات، وإنما قيدت ثبوته بقولي: (من حيث مظهريته) من أجل ما أطلعنا الله عليه من أن الجنة لا تسع إنسانا كاملا، وإنما يكون منه في الجنة ما يناسب الجنة، وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم، وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان.
بل أقول: ولو خلت جهنم منه لم تبق وبه امتلأت، وإليه الإشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث انتهى المراد منه بلفظه راجعه في الكلام على الفص الآدمي.
وفي عبارة لبعضهم قال: لو لا ثبوت الإنسان الكامل في الجنة وعدم زواله منها لكان الحال فيها كالحال في الأرض والسماوات من زوالهما عند زواله منهما وكذا لو خلت منه جهنم لزالت، بل إذا زال عن دار أي دار كانت فإنها تزول بزواله، وإذا ثبت فيها فإنها تثبت بثبوته، وكذا جميع الأمكنة، ومنه تعلم أن العوالم كلها لا تخلو منه؛ لأنها لو خلت منه لتلاشت واضمحلت؛ لكونها ليس لها قيام ولا قوام إلا به، ولجمعيته للأسماء الإلهية والإمكانية، ومظهريته للطرفين، وكونه برزخا جامعا بين قوسي الوجوب والإمكان، لم تسعه الجنة ولا عالم من العوالم، وإنما يكون منه في الجنة ما يناسب الجنة، وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم، وفي جهنم ما يناسب جهنم؛ إذ لو خلت جهنم منه لم تبق وبه امتلأت، أعني بما يناسبها منه، وإليه الإشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث الشريف فلتفهم والله أعلم انتهى.
وقال الشيخ شرف الدين القيصري في «شرح الفصوص» لدى ما ذكره الشيخ من أن
Page 224