محتويات كتاب الانواء لابن قتيبة الدينورى
الموضوع/ الصفحة
التصدير العام (فى الانكليسية) . (٦-)
مقدمة المصححين
جدول اسماء المنازل والنجوم المقدرة لها يب
كتب الأنواء فى الأدب العربى يج
جدول اسماء الذين ألف كل واحد منهم كتابا اسمه «كتاب الأنواء» يد
مكانة ابن قتيبة يط
منهاج ابن قتيبة كج
هل سرق ابن قتيبة شيئا من الدينورى؟ كد
إلزام البيرونى على ابن قتيبة كح
المخطوطات من كتاب الأنواء لا
ترجمة ابن قتيبة م
مقدمة المصنف وغرض التأليف ١
ذكر منازل القمر ٤
معنى النوء ٦
كيف يكون الطلوع والغروب؟ ٩
الفهرس / 1
فرق ما بين الغروب الذى هو أفول وبين الغروب الذى له النوء ١٢
تحديد الوقت الذى فيه يسقط النجم بالغداة ١٣
معنى العرب فى نسبة المطر إلى النوء ١٣
أسماء المنازل وهيئاتها: ١٦
١- الشرطان ١٧
٢- البطين ٢٠
٣- الئريا ٢٣
٤- الدبران ٧
٣ ٥- الهقعة ٤١
٦- الهنعة ٤٢
ذكر كواكب الجوزاء ٤٥
٧- الذراع ٤٨
٨- النثرة ٥٤
٩- الطرف ٥٥
١٠- الجبهة ٥٦
١١- الزبرة ٥٨
١٢- الصرفة ٥٩
١٣- العواء ٦٠
١٤- السماك ٦٢
١٥- الغفر ٦٧
الفهرس / 2
١٦- الزبانى ٦٨
١٧- الإكليل ٦٩
١٨- القلب ٧٠
١٩- الشولة ٧١
٢٠- النعائم ٧٤
٢١- البلدة ٧٥
٢٢- سعد الذابح ٧٦
٢٣- سعد بلع ٧٧
٢٤- سعد السعود ٧٨
٢٥- سعد الأخبية ٧٩
٢٦- الفرغ الأول ٨٢
٢٧- الفرغ الثانى ٨٣
٢٨- الحوت ٨٤
كيف يكون نزول القمر بهذه المنازل؟ ٨٥
ما ينسب إليه البوارح من هذه المنازل ٨٨
أوقات النتاج ٩٤
أوقات تبدّى العرب ورجوعها إلى محاضرها ٩٦
ذكر الأزمنة الأربعة وتحديد أوقاتها ١٠٠
الأزمنة وتحديد أوقاتها عند العرب ١٠٣
ذكر نجوم الأزمنة ورقائبها ونجوم أنوائها ١٠٩
فصل الربيع ١٠٩
الفهرس / 3
فصل القيظ ١١٤
فصل الخريف ١١٥
فصل الشتاء ١١٨
ذكر البروج ١٢٠
القطب ١٢٢
المجرّة ١٢٣
الفلك والسماء ١٢٤
ذكر الكواكب الخنس ١٢٦
مكث الخنس والشمس والقمر فى البروج ١٢٨
صفات الخنس ١٢٨
ذكر الشمس والقمر ١٢٨
الشمس ١٣٦
ذكر المشارق والمغارب ١٤١
الفجران ١٤٢
الشفقان ١٤٣
ذكر مشاهير الكواكب وما داناها: ١٤٥
بنات نعش الصغرى ١٤٥
بنات نعش الكبرى ١٤٧
الحران ١٤٨
العوائذ ١٤٨
القرن ١٤٩
الفهرس / 4
الشاء ١٤٩
الضباع ١٤٩
الحية ١٥٠
الأبيض ١٥٠
الفكة ١٥٠
النسقان ١٥٠
النسران ١٥١
الفوارس والردف ١٥١
الصليب ١٥١
سهيل ١٥٢
الكواكب المنسوبة الى سهيل والمشبهة به ١٥٧
ذكر الرياح وتحديد مهابها ١٥٨
أفعال الرياح ١٦١
اللواقح من الرياح والحوائل ١٦٣
ذكر السحاب والبرق والمطر ١٦٩
مخايل السحاب ١٦٩
الاستدلال بالبرق ١٧٧
الاستدلال بالحمرة على الغيث ١٧٩
الأوقات التى تحمد للنوء والمطر ١٨٠
اختلاف مناظر النجوم ١٨٢
الفهرس / 5
الاهتداء بالنجوم والمسير بطلوعها وغروبها ١٨٦
كيف يكون الاهتداء بالنجوم؟ ١٩٠
ذيل للمؤلف مجهول ١٩١
الفهارس:
فهرس المآخذ والمصادر ١٩٥
الفهرس الجامع المشتمل على الأعلام والقبائل والأماكن والكتب وغيرها ٢٠١
فهرس أسماء النجوم والكواكب وما يليها ٢١١
فهرس القوافى والبحور (١- ١٨)
الفهرس / 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وبه نستعين
(مقدمة المصححين)
إذا حاول مؤرخ الآداب والعلوم العربية أن يدلى ببيان عاجل عما بلغه العرب من معلومات ومعارف وألفوه من كتب وتآليف فيما يخص علم النجوم والهيئة، وجب عليه بادى ذى بدء أن يميّز أدقّ تمييز بين المعارف المتداولة فى الأوساط المترقية المتخصصة والمؤلفات المعدّة لها من جهة، وبين تقاليد العامة ومعلوماتها المتوارثة والكتب المدوّنة لها من جهة اخرى فاستمع إلى ما يقول الجاحظ فى «كتاب الحيوان» (ج ٦، ص ٣٠) عن الأعراب، حيث يذكر أنهم:
«عرفوا الآثار فى الأرض والرمل، وعرفوا الأنواء ونجوم الاهتداء، لأن كل من كان بالصحاصح الأماليس، حيث لا أمارة ولا هادى مع حاجته إلى بعد الشقة، مضطرّ إلى التماس ما ينجيه ويؤدّيه، ولحاجته إلى الغيث، وفراره من الجدب، وضنّه بالحياة، اضطرّته الحاجة إلى تعرف شأن الغيث؛ ولأنه فى كل حال يرى السماء وما يجرى فيها من
المقدمة / 1
الكواكب، ويرى التعاقب بينها والنجوم الثوابت فيها، وما يسير منها مجتمعا، وما يسير منها فاردا، وما يكون منها راجعا ومستقيما» .
هذا قول الجاحظ. ولا بأس بأن نعتمد عليه فيما نحن بصدده.
فجعل الأعرابى إذن يستدل بالشمس نهارا، وبالقمر والكواكب والرياح ليلا، فعرف من الشمس أوقات شروقها وغروبها، ومن القمر ليالى ظهوره واستسراره، ومن أنوار الكواكب أوقات طلوعها وسقوطها ومواقعها من الفلك. ثم لا حظ أن حوادث تخص البرد والحر، والشتاء والجدب. وأحوال الحيوان والنبات، لها علاقة ظاهرة بدوران الشمس وبطلوع القمر والكواكب وسقوطها، حتى استنبط من مشاهداته وتجاربه نواميس بسيطة لا تتجاوز دائرة الاختبار ولا تخرج عن نطاق المعطيات العملية.
هذا كله شأن الامم الساذجة، كما بيّنه الجاحظ. غير أننا، وإن ضربنا صفحا عن عبادة النجوم الشائعة فى بطون من العرب القدماء، سنرى بعد قليل أن البدو عرفوا أكثر مما ذكرناه من معرفة أحوال النجوم. ولكنهم لم يفضوا إلى ذلك استنباطا، بل اقتباسا على الأكثر.
مهما كان هذا، إن غرض العرب من علم الأنواء لم يكن فى أول الأمر إلا معرفة أوقات المطر وأسمات السفر يهتدون بسير النجوم.
فلما ظهر الاسلام، زاد مقصدا آخر، وهو معرفة القبلة وأوقات الصلاة والصوم من حركات الكواكب ومن الفجرين والشفقين، وطلوع الشمس وزوالها وغروبها، وطلوع الهلال والسحر، إلى غير ذلك من
المقدمة / 2
سائط هذا العلم. ثم خرجوا من جزيرتهم وفتحوا قسما لا يستهان به من المعمورة، وظهروا على امم كانت قد بلغت درجه عالية من الحضارة، واهتمت بالنجوم اهتمام علماء مضاربين لا اهتمام شعراء متبدّين.
فتمتّنت حينئذ العلاقات بينهم وبين العجم، ونشأ من اختلاط العناصر المختلفة تطوّر عام ظهرت نتائجه فى جميع ميادين الحياة وأصناف المعارف، فضلا عن نشوء العلوم المرتكزة على القرآن، منها الحديث والنحو والفقه والتأريخ، حتى مبادئ علم الهيئة لحاجة المسلمين إلى الصوم والصلاة. غير أن أقوى حافز لتقدم معارفهم بالفلك والهيئة جاءهم من الخارج. وذلك أن بعيد فتح السند ادخل إلى العراق، فى أواسط القرن الثانى للهجرة، الكتابان المعروفان عند العرب بالسندهند وأرجبهد، فنقلا إلى العربية ببعض التصرف، وانتشر مضمونهما فى الدوائر المثقفة الراغبة فى العلوم رغبة صحيحة. وفى الوقت نفسه، أو بعده بقليل، عرف العرب الأزياج الفارسية، وبصفة خاصة كتبا يونانية منها «المجسطى» لبطولموس (المعروف ببطلميوس) الذى نقله إلى العربية الحجاج بن يوسف بن مطر سنة ٢١٢ للهجرة.
لسنا بحاجة إلى الإطالة فى ذكر جميع الكتب اليونانية والهندية التى عرّبت فى القرون الوسطى، بل كفى بما قلنا إشارة إلى هذا العامل القوى الذى حمل المسلمين- ومنهم عرب وعجم- على البحث عن علم الهيئة. ولسنا بحاجة أيضا إلى ذكر جميع الفلكيين الذين اشتهرت أسماؤهم فى هذا الفرع من العلوم وأكسبوا الامة العربية فخرا خالدا
المقدمة / 3
فمنهم يحيى بن أبى منصور وتلامذته. ومحمد بن موسى الخوارزمى (المتوفى م ٢٣٦)، موسى بن شاكر وابناؤه، والبتّانى (م ٣١٧)، وثابت بن قرّة (م ٢٨٨)، وعبد الرحمن الصوفى (م ٣٧٦)، وأبو الوفاء (م ٣٨٨)، وابن يونس (م ٣٩٩)، ومسلمة المجريطى (م ٣٩٨)، وابن الهيثم (م ٤٣٠)، والبيرونى (م ٤٤٠)، وأشباههم.
جميع هؤلاء الفلكيين قاموا برصد وحساب، حتى أنهم حققوا معطيات بطولموس وصحّحوها، فزادوا طريفا على تالد واكتسبوا بذلك شهرة لا تزال حية إلى أيامنا، غير أنهم لم يغيروا نظريات بطولموس تغييرا يذكر، بل أبقوها على حالها فى الجملة وإن صحّحوا أحسابه فى التفصيل. فالأرض عندهم وعند من سبقهم من الفلكيين القدماء كرة ثابتة لا تتحرك: وهى مركز العالم يحيط بها الأفلاك التسعة. وهى، كما يقول القزوينى فى «عجائب البلدان» (ص ١٦) . «كرات محيطة بعضها بالبعض، حتى حصلت من جملتها كرة واحدة يقال لها العالم ... [ف] يماس السطح الأدنى من كل واحدة منها السطح الأعلى من التى دونها.
وأدناها إلى العناصر [أى الأرض] فلك القمر، ثم فلك عطارد ثم فلك الزهرة، ثم فلك الشمس، ثم فلك المريخ، ثم فلك المشترى، ثم فلك زحل، ثم فلك الثوابت، ثم فلك الأفلاك» - هـ، فهذا الفلك التاسع يدور حول القطبين، وبالأخرى حول الأرض؛ وتتحرك معها جميع الأفلاك الأخرى.
ومما يهمنا هنا من هذا الجهاز العلوى، الفلك الثامن وهو فلك
المقدمة / 4
الثوابت. سمّيت ثوابت لأنها فى ظاهر العين لا تتحرك إلا بحركة جميع الفلك، إذ أن الكواكب فيه «مركوزة كالفص فى الخاتم» كما قال القزوينى (ص ١٧) .
ذهب الفلكيون هذا المذهب وسلكوا هذا المسلك إلى أن سقط نجمهم افولا، وطلع نجم الغرب شروقا حوالى القرن التاسع للهجرة.
إن نحن ألقينا نظرة إجمالية على المؤلفات التى نتجت من تلك الحركة العلمية الحميدة، استطعنا أن نقسمها قسمين رئيسيين:
(القسم الأول) يحتوى على المؤلفات التى لا تخرج عن نطاق العلم المحض؛ وفيها قيّد الفلكيون المذكورون آنفا نتائج أعمالهم وجهودهم فى سبيل الحقيقة، وهى التى تكوّن قطعة من التراث العلمى الذى تفخر به العرب، فنقلت من العربية إلى اللاتينية فى القرون الوسطى وبقيت قبلة يصلّى إليها علماء الغرب إلى عهد كوپرنيك (Copernicus) وجليل (غليليو، (Galileo) (فأبطلت حينئذ المتكشفات الجديدة المذهب القديم. وهيهات بين إبطال نظريات فانية موقتة، وإبطال أشغال توالت عليها أجيال متعددة! وبقيت ذكرى العرب حية حتى أن عددا غير قليل من المصطلحات وكثيرا من أسماء النجوم اقتبستها اللغات الغربية، وإن شوّهتها تشويها قبيحا جعلها غير مفهومة، بيد أن العرب لم يأخذوا من العجم إلا عددا قليلا من مصطلحاتهم.
ليس قصدنا فى هذه العجالة ذكر جميع الكتب والأزياج التى خلفها الفلكيون القدماء. وفى الحقيقة تغنينا شهرتها عن ذكرها، بل
المقدمة / 5
يجدر بنا أن نبين تأثيرها فى (القسم الثانى) من الكتب، أى المؤلفات التى تقع بين العلم المحض والأدب المحض، وتأخذ من هذا ومن ذاك لتكوّن فنّا متوسطا يتّصل بالعلم بقدر ما يتصل بالأدب. وإنه ليجب علينا، ليفى الموضوع حقّه، ألّا ننسى أن الفلاسفة والمتكلمين التفتوا إلى مذاهب الفلكيين لما وجدوا فيها من آراء تبعثهم على التأمل فى خلق العالم، فأدخلوا المسائل الفلكية فى مناقشاتهم ومجادلاتهم الكلامية.
وزيادة على ذلك، أثرت المذاهب الفلكية فى فن آخر- نعنى الجغرافيا- تأثيرا أقوى؛ فان جميع أصحاب المؤلفات الجغرافية، أو على الأقل معظمهم أبوا إلا أن يفتحوا بابا خاصا بصورة العالم حسب التصورات المعاصرة، فتوغلوا فى علم التقويم والأطوال والأعراض، معتمدين على نظريات الفلكيين، آخذين بأقوال سلفهم فى هذا الشأن، لأنهم قلّما نظروا بأنفسهم فى علم لا يخلو من صعوبة على عامة الأدباء. فتجد الفصل المذكور حتى فى الكتب الرامية إلى وصف البلدان والممالك والمسالك، فضلا عن المؤلفات التى قد اكتسبت أصحابها من علم الهيئة نصيبا لا بأس به، كالبلخى والبيرونى. ثم تلفى أيضا مادة علمية فى الموسوعات المحتوية على جميع المعارف والعلوم الواجب اكتسابها على من تقدّم إلى خدمة السلطان مثلا مسالك الأبصار لابن فضل الله العمرى- كما تجدها فى تآليف رجال منسوبين إلى الصوفية يجتهدون فى وصف ما خلقه الله ويعتبرون العالم بأسره مظهرا من مظاهر فضل الله على عباده ونعمته عليهم. فأحسن ممثّل لهذا الفن هو القزوينى (م ٦٨٢) الذى يقول فى مقدمة كتابه «عجائب البلدان» (ص ٥- ٦)
المقدمة / 6
«فمن أراد صدق هذا القول [أى تعجب الإنسان مما خلقه الله]، فلينظر بعين البصيرة إلى هذه الأجسام الرفيعة، وسعتها، وصلابتها، وحفظها عن التغير والفساد إلى أن يبلغ الكتاب أجله. فانّ الأرض والهواء والبحار، بالإضافة إليها، كحلقة ملقاة فى فلاة. قال الله تعالى [سورة الذاريات ٥١/٤٧]: (والسماء بنينها بأييد وإنّا لموسعون) .
ثم إلى دورانها مختلفا؛ فان بعضها يدور بالنسبة إلينا رحوية، وبعضها حمائلية، وبعضها دولابية، وبعضها يدور سريعا، وبعضها يدور بطيئا.
ثم إلى دوام حركاتها من غير فتور. ثم إلى إمساكها من غير عمد تتعمد به، أو علاقة تتدلى بها. ثم لينظر إلى كواكبها وشمسها وقمرها، واختلاف مشارقها ومغاربها لاختلاف الأوقات التى هى سبب نشوء الحيوان والنبات. ثم إلى عدد كواكبها فى منازل مرتبة، بحساب مقدر لا يزيد ولا ينقص. ثم إلى عدد كواكبها وكثرتها واختلاف ألوانها ... ثم إلى مسير الشمس فى فلكها مدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار، ومعرفة الأوقات، وتمييز وقت المعاش عن وقت الاستراحة. ثم إمالتها عن وسط السماء إلى الجنوب وإلى الشمال، حتى وقع الصيف والشتاء والربيع والخريف. وقد اتفق الباحثون على أنها مثل كرة الأرض مائة مرة ونيّف وستّون مرة ...
ثم لينظر إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس. لينوب منها بالليل؛ ثم إلى امتلائه وانمحاقه، ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر ...» هـ-.
المقدمة / 7
إنّ جميع منتجات الفكر العربى، التى ذكرناها إلى الآن، تستفيد قليلا أو كثيرا من أبحاث الفلكيين. وكأن بعضها يعمّم أسهل المعلومات وأقربها إلى أذهان الناس. وينشر فى طبقات أوسع من الدوائر المختصة جملة من المعارف يتوارثها خلف عن سلف. ولكن العامة ما تبرح، على اختلاف الأجيال والبلدان، تتمسك بالماضى. وينضم إليها فى هذا الشأن عدد غير قليل من المثقفين المحافظين، الذين لا يقبلون «البدع» إلا بطول المدة، ويقولون (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) فماذا كان عليه آباؤهم؟
لقد سبق أن قلنا إن الأعراب فى صحاريهم يستدلون بالشمس والقمر والنجوم، فسمّوا أعظمها وأشدها نورا بأسماء عادية مأخوذة من الحياة اليومية. وتداولت بينهم معرفتها منذ أقدم الزمان. ثم لاحظوا أن بعض النجوم تطلع أو تسقط، ويحدث مع طلوعها أو سقوطها حوادث تمّس الحياة البدوية من نتاج المواشى ومعالجة النخيل وهطول المطر إلى غير ذلك، مما يهتم به البدوى أشد الاهتمام؛ فشاهدوا أن تلك النجوم الخاصة تتقارن اثنين اثنين، حتى يطلع أحدها فى المشرق غداة حينما يسقط أخوه فى المغرب؛ فسمّوا الطالع «رقيبا»، كأنه يرقب سقوط الآخر؛ وسمّوا الساقط «نوءا»، من «ناء» . «وإنما قيل باء، إذا سقط. لأنه يميل، والميل هو النوء، ومعنى قول الله ﷿ [سورة القصص ٢٨- ٧٦]: لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ
أى لتميل بها من ثقلها» (فقرة «١١» من متن هذا الكتاب على صفحة ٧) .
المقدمة / 8
وكذلك عدّوا فى السنة الشمسية عددا غير معلوم- يكاد يكون ٢٨ «١» - من أوقات مختلفة المدة، يدلّ على ابتدائها سقوط نجم معلوم؛ وأطلقوا على كل واحد منها اسم النوء «٢» (وجمعه أنواء)، فنشأ من ملاحظاتهم أسجاع «٣» تخصّ طلوع الرقائب وسقوط الأنواء، وتشير إلى الحوادث التى يمتاز بها كل نوء. وعلاوة على الأسجاع البسيطة المتداولة بين الناس، نشأ أيضا علم على حدة، كالقيافة والعرافة وغير هما من علوم البادية، فتخصّص فيه بعض الأشخاص فى كل قبيلة. وربما تميزت بالخبرة فيه قبيلة بأجمعها، كبنى ماوية وبنى مرة (راجع فقرة «٣» من متن هذا الكتاب صفحة ٢) .
هذا ما كان العرب قد بلغه استنباطا فى قديم الزمان. ثم أخذوا من اليونان معرفة البروج، وذلك قبل الإسلام إذ ذكرها القرآن أربع مرات، حتى ورد مثلا فى الآية ١٦ من سورة الحجر: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ
. ولفظ البرج يونانى الأصل وفى اللاتينية (burgus) غير أنه ليس من المستبعد أن العرب لم يأخذوا البروج من اليونان مباشرة، بل بواسطة بابل أو إيران، كما أنه من الأكيد أنهم اقتبسوا منازل القمر من الهند
المقدمة / 9
بواسطة الفرس. وذلك قبل الإسلام أيضا، حيث يذكرها القرآن مرتين: وقد ورد فى الآية ٥ من سورة يونس: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ
؛ ويشبه الجهاز الهندىّ الأنواء العربية، غير أن القرآن لا يذكر الأنواء. ولذلك السكوت سببان: أولهما لإبطال التقاليد المناقضة لتعاليم الإسلام، لأن العرب كانوا يعتقدون أن النوء هو الذى ينشىء المطر؛ وثانيهما الاختلاط بين الأنواء والمنازل واندماج المذهب القديم فى المذهب الهندى المأخوذ مؤخرا. ومما يلقى ضوءا لا بأس به على هذه المعضلة قول الفلكى الشهير عبد الرحمن الصوفى (صور الكواكب، ص ١١- ١٢) .
«والعرب لم تستعمل صور البروج على حقيقتها. وإنما قسّمت دور الفلك على مقدار الأيام التى يقطع القمر فيها الفلك، وهى ثمانية وعشرون يوما على التقريب، وطلبت فى كل قسم منها علامة تكون أبعاد ما بينها فى رأى العين مقدار سير القمر فى يوم وليلة. وبدأت بالشرطين، وكانت أول العلامات من عند نقطة الاعتدال [الربيعى] .
ثم طلبت بعد الشرطين علامة اخرى، يكون بعدها من الشرطين مقدار سير القمر فى يوم ليلة؛ فوجدت البطين. وبعد البطين، الثريا. ثم الدبران؛ وكذلك المنازل كلها. ولم تلتفت إلى البروج وأقسامها ومقادير صورها، إلا أنها أدخلت الهقعة فى جملة المنازل وليست من البروج وإنما هى من الصور الجنوبية على رأس الجبار. وكذلك الفرغان، هما
المقدمة / 10
من صورة الفرس فى ناحية الشمال. ونسبت كواكب كثيرة إلى أعضاء الأسد. هى من صور غير صورة الأسد: فجعلت الكوكبين اللذين على رأس التوأمين واللذين يسميان الكلب المتقدم: ذراعى الأسد؛ واللطخة التى على صدر السرطان سمّتها نثرة الأسد، وهى مخطمه. وصيّرت العواء وركيه؛ والسماكين ساقيه، فصيّرت صورة الأسد ثمانية منازل من ثلاثة أبراج. فقدّر أبو حنيفة أن هذه المنازل كلها على الحقيقة من صورة الأسد، فأنكر أن تكون صورة واحدة على ثلاثة أبراج، كل برج منها يسمّى باسم آخر؛ ولم يعرف صورة السرطان، ولا صورتى الأسد والعذراء» - هـ.
ومهما كان من أمر، فقد أصبحت الأنواء جهازا متماسك الأجزاء. يفسره ابن قتيبة (فقرة «١٣» ص ٩ من متن هذا الكتاب) كما يلى:
كأن الشمس حلّت الثريا بالغداة، فسترت الثريا والبطين قبلها، فيكون الطالع بالغداة الشرطين، ويكون الغارب بالغداة رقيب الشرطين وهو الغفر. ويكون النوء للغفر. وتقيم الشمس بالثريا ثلثة عشر يوما، ثم تنتقل إلى الدبران، فتستره؛ وتستر الثريا أيضا، لأنها تستر المنزل الذى حلّت به ومنزلا قبله، على ما أعلمتك. فتقيم فى الدبران ثلثة عشر يوما، ثم تنتقل إلى الهقعة. فتنكشف الثريا بعد ستة وعشرين يوما. فتكون الثريا الطالع بالغداة. ويسقط رقيب الثريا وهو الإكليل.
ويكون النوء للاكليل» - هـ.
المقدمة / 11
جدول اسماء المنازل والنجوم المقدرة لها
رقم: اسم المنزل: النجوم المقدرة للمنزل: يوم الطلوع حسب ابن قتيبة: يوم السقوط، وهو ابتداء النوء حسب ابن قتيبة: مدة النوء فى الأيام حسب ابن قتيبة
١: الشرطان ١٦:arietis:نيسان: ١٦ تشرين الأول: ٣
٢: البطين ٢٩:arietis:نيسان: ٣٠ تشرين الأول: ٣
٣: الثريا:: ١٣ أيار: ١٣ تشرين الثانى: ٥ أو ٧
٤: الدبران ٢٦:tauri:أيار: ٢٦ تشرين الثانى: ١ أو ٣
٥: الهقعة ٩:orionis:حزيران: ٩ كانون الأول: ٦
٦: الهنعة ٢٢:geminorum:حزيران: ٢١ كانون الأول: ٣
٧: الذراع ٤:geminorum:تموز: ٤ كانون الثانى: ٣ أو ٥
٨: النثرة ١٧:cancri:تموز: ١٧ كانون الثانى: ٧
٩: الطرف ١:canceri G leonis:آب: ٣١ كانون الثانى: ٦
١٠: الجبهة ١٤:leonis:آب: ١٢ شباط:
١١: الزبرة ٢٧:leonis:آب: ٢٥ شباط: ٤
١٢: الصرفة ٩:leonis:أيلول: ٩ آذار: ٣
١٣: العواء ٢٢:virginis:أيلول: ٢٢ آذار: ٣
١٤: السماك ٥:virginis:تشرين الأول: ٤ نيسان: ٤
١٥: الغفر ١٨:virginis:تشرين الأول: ١٧ نيسان: ١ أو ٣
١٦: الزبانى ٣١:librae:تشرين الأول: ٣٠ نيسان: ٣
١٧: الإكليل ١٣:librae:تشرين الثانى: ١٣ أيار: ٤
١٨: القلب ٢٦:scorpii:تشرين الثانى: ٢٦ أيار:
١٩: الشولة ٩:scorpii:كانون الأول: ٩ حزيران:
٢٠: النعائم ٢٢:sagittarii:كانون الأول: ٢٢ حزيران: ١
٢١: البلدة ٤:sagittarii:كانون الثانى: ٤ تموز: ١ أو ٣
٢٢: سعد الذابح ١٧:capricorni:كانون الثانى: ١٧ تموز: ١
٢٣: سعد بلع ٣٠:aquarii capricorni:كانون الثانى: ١ آب: ١
٢٤: سعد السعود ١٢:aquarii:شباط: ١٤ آب: ١
٢٥: سعد الأخبية ٢٥:aquarii:شباط: ٢٧ آب:
٢٦: الفرغ الأول ٩:andromedae G pegasi:آذار: ٩ أيلول: ٣
٢٧: الفرغ الثانى ٢٢:pegasi G andromedae:آذار: ٢٢ أيلول: ٤
٢٨: بطن الحوت ٤:andromedae:نيسان: ٥ تشرين الأول:
المقدمة / 12
كتب الأنواء فى الأدب العربى
لقد سبق أن قلنا ان القرآن لا يذكر الأنواء، فلا ينهى صريحا عن الاعتقاد بها، غير أن الآية (٥٠) من سورة النجم: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى
تجبر المسلمين على الاعتقاد بأن الله هو الذى يقدر تغيرات الحالة الجوية، بيد أن العرب فى الجاهلية كانوا يجعلون النجوم مقدرة لها. ثم أبطل رسول الله ثلاثا من امور الجاهلية: الطعن فى الأنساب، والنياحة، والأنواء ومع ذلك لم تزل المعرفة بالأنواء والعمل بها فى القبائل العربية إلى أيامنا. أما الأوساط المثقفة، فلولا كتب خاصة بها، لنسيتها تماما.
عند ما كانت مبادئ علم الهيئة تنتشر فى الدوائر العربية بفضل السند هند وغيره من المؤلفات المنقولة إلى لغة الضاد، كان العلماء المتخصصون بالنحو والشعر واللغة يجمعون ما يقدرون عليه من الوثائق الصحيحة المحفوظة فى صدور الأعراب خاصة، والعرب عامة، ولم يلبث بعضهم أن دوّنوا كتبا قائمة على مفهوم بسيط واحد كالخيل والإبل والمطر وغيرها.
ومن المعلوم أن تلك الآثار المتقدمة، المحتوية على أشعار ومصطلحات قديمة، هى التى مكّنت اللغويين المتأخرين من تدوين قواميسهم الضافية.
وهكذا انقاد العلماء إلى طلب الأشعار والأسجاع والألفاظ المتعلقة بالنجوم وتدوينها فى كتب يسمى كل واحد منها بكتاب الأنواء.
والراجح أن أول من اعتنى بجمع المعلومات عن الأنواء هم اللغويون والأدباء. ثم استفاد منهم آخرون، مثل الفقهاء والنباتيين وأصحاب الخراج والمال، ومؤلفى جغرافيا. وهاك فهرست هذه المؤلفات:
المقدمة / 13
جدول اسماء الذين ألف كل واحد منهم كتابا اسمه «كتاب الأنواء»:
رقم/ أسماء الذين ألف كل واحد منهم كتابا اسمه «كتاب الأنواء» / سنة الولادة/ سنة الوفاة مع الاختلاف، / صفحة ابن النديم/ صفحة بروكلمان المجلد الأول اصل/ صفحة بروكلمان المجلد الأول ذيل
١/مؤرج بن عمر أبو فيد السدوسى العجلى/؟ / ١٩٥، ١٧٤، ٢٠٠/٤٨/١٠٢/١٦٠
٢/النضر بن شميل المازنى التميمى المروزى القاضى/؟ / ٢٠٣، ٢٠٤/٥٢/١٠٢/١٦١
٣/ابن كناسة أبو يحيى محمد بن عبد الله الأسدى الكوفى/ ١٣٣/٢٠٧/٧١/٦٣/٠
٤/الأصمعى، عبد الملك بن قريب الباهلى/ ١٢٢/٢١٦، ٢١٣/٥٥/١٠٤/١٦٣
٥/محمد بن زياد ابن الأعرابى (وكان أبوه عبدا من أهل السند) / ١٥٠/٢٣٠، ٢٣١، ٢٣٢/٨٨/١١٦/١٧٩
٦/محمد بن حبيب البغدادى/؟ / ٢٤٥/٨٨، ١٠٦/١٠٦/١٦٥
٧/أبو محلّم بن هشام الشيبانى/؟ / ٢٤٨/٤٦/٠/٠
٨/المبرّد، محمد بن يزيد الأزدى/ ٢١٠/٢٥٨/٥٩/١٠٨/١٦٨
٩/أبو معشر البلخى، جعفر بن محمد بن عمر (وكان قد جاوز المائة) /؟ / ٢٧٢/٢٧٧/٢٢١/٣٩٤
١٠/ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم القاضى/ ٢١٣/٢٧٦// ١٢٠/١٨٤
١١/أبو حنيفة الدينورى/؟ / ٢٨٢/٧٨/١٢٣/١٨٧
١٢/المرثدى أبو أحمد بن بشر [الذى كتب إليه ابن الرومى (المتوفى سنة ٢٧٦ أو ٢٨٣ أو ٢٨٤) الأشعار. وكتابه «كبير فى نهاية الحسن» كما قال ابن النديم] . /؟ /؟ / ١٢٩/٠/٠
١٣/ابن خرّداذبه، عبيد الله بن عبد الله أبو القاسم/ ٢٣٠/٣٠٠/١٤٨/٢٢٥/٤٠٤
١٤/الزجّاج، أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق (فى أكثر من ٨٠ عاما) /؟ / ٣١٠، ٣١٦/٨٨/١١٠/١٧٠
١٥/الأخفش الصغير، (الأصغر) أبو الحسن على بن سليمان بن المفضّل/؟ / ٣١٥/٨٣/١٢٥/١٨٩
١٦/ابن عمّار الثقفى/؟ / ٣١٩/٨٨، ١٤٨/٠/٠
١٧/ابن دريد، أبو بكر بن حسن الأزدى البصرى/ ٢٢٣/٣٢١/٨٨/١١١/١٧٢
١٨/وكيع القاضى (محمد بن خلف بن حيّان) /؟ /؟ / ٨٨/٠/٠
١٩/القاسم بن معن/؟ /؟ / ٦٩/٠/٠
٢٠/الحسن بن سهل بن نوبخت/؟ /؟ / ٢٧٥/٠/٠
٢١/الدهنى/؟ /؟ / ٨٨/٠/٠
٢٢/المزيدى/؟ /؟ / ٨٨/٠/٠
٢٣/أبو غالب أحمد بن سليم الرازى/؟ /؟ / ٨٨/٠/٠
٢٤/ابن الأجدابى/؟ /؟ / كشف الظنون ٥: ٥٤
المقدمة / 14