300

Unmūdhaj jalīl fī asʾila wa-ajwiba ʿan gharāʾib āy al-tanzīl

أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل

Editor

د. عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودى

Publisher

دار عالم الكتب المملكة العربية السعودية

Edition Number

الأولى،١٤١٣ هـ

Publication Year

١٩٩١ م

Publisher Location

الرياض

فيعلم قدر نعمة العفو، فإن أكثر الذنوب يناسها العبد خصوصا الصغائر.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ) يدل على أنه من الجن، وقوله تعالى في موضع آخر: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) يدل على أنه من الملآئكة، فكيف الجمع بينهما؟
قلنا: فيه قولان: احدهما: أنه من لجن عملا بظاهر هذه
الآية، ولأن له ذرية قال الله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي) والملآئكة لا ذرية لهم، ولأنه أكفر الكفرة وأفسق الفسقة، والملآئكة معصومون عن الكبائر لأنهم رسل الله وعن المعاصى مطلقًا لأنهم عقول مجردة بغير شهوة، ولا معصية إلا عن شهوة، ويؤيده قوله تعالى:
(لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) وقال تعالى: (وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) "يعنى الملآئكة" فكيف يكون إبليس منهم ويؤمر بالسجود فيمتنع.
فعلى هذا يكون استثناءه من الملآئكة استثناء من غير الجنس أو يكون استثناء من جنس المأمورين بالسجود لا من جنس الملآئكة،

1 / 299