100

Anis Fudala

أنيس الفضلاء من سير أعلام النبلاء

قال الذهبي : الضحك اليسير والتبسم أفضل ، وعدم ذلك من مشايخ العلم على قسمين:

أحدهما : يكون فاضلا لمن تركه أدبا وخوفا من الله وحزنا على نفسه المسكينة.

والثاني : مذموم لمن فعله حمقا وكبرا وتصنعا ، كما أن من أكثر الضحك استخف به . ولا ريب أن الضحك في الشباب أخف منه ، وأعذر منه في الشيوخ .

وأما التبسم وطلاقة الوجه فأرفع من ذلك كله . قال النبي ^ :"تبسمك في وجه أخيك صدقة"(1).

وقال جرير : ما رآني رسول الله ^ إلا تبسم(2).

فهذا هو خلق الإسلام . فأعلى المقامات من كان بكاء بالليل بساما بالنهار.

وقال عليه السلام :"لن تسعوا الناس بأموالكم ، فليسعهم منكم بسط الوجه"(3).

بقي هنا شيء : ينبغي لمن كان عبوسا منقبضا أن يتبسم، ويحسن خلقه ، ويمقت نفسه على رداءة خلقه . وينبغي لمن كان ضحوكا بساما أن يقصر من ذلك، ويلوم نفسه حتى لا تمجه الأنفس . وكل انحراف عن الاعتدال فمذموم . ولا بد للنفس من مجاهدة وتأديب (10/140-141) .

الصبر على الابتلاء:

وقعت الآكلة في رجل عروة بن الزبير، فصعدت في ساقه، فبعث إليه الوليد، فحمل إليه ودعا الأطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع، وقالوا له: اشرب المرقد، فقال عروة للطبيب: امض لشأنك، ما كنت أظن أن خلقا يشرب ما يزيل عقله حتى يعرف به. فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سمع له حس، فلما قطعها جعل يقول: لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت. وما ترك جزءه من بالقرآن تلك الليلة. قال الوليد: ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا.

Page 100