142

فمصطفى كامل قد استطاع أن يثابر على القتال وأضلاعه مكسورة، وسعد زغلول قد عاش برصاصة في صدره وهو إلى جانب ذلك مصاب بالربو وبغيره من الأدواء ...

إن الزعامة بنوعيها هذين، تتطلب هذه القوة الخارقة في تكوين البنية الجسدية ...

ولكن هل يحتاج إلى مثل هذه البنية رجل يقوم عمله الأكبر على الدراسة والبحث والاطلاع! ...

على هذا النحو من الاختلاف، يتغير الحكم على أبناء الستين أو أبناء أية سن من أسنان الحياة ...

ثم هو لا يتغير من سنة إلى سنة، كأنما تقع السنون في الحياة موقع الخطوط على الخرائط والساعات ...

ولكنه يتغير من فترة إلى فترة، يحسبها كل إنسان بما يتفق له من التجربة والاختبار ... •••

ومن هنا أعود فأقول: إن «الستين» لم تكن في حياتي نقطة تحول بين عهدين أو بين عمرين ... ولكنني إذا نظرت إلى الفترة التي تمت بها الستون والفترة التي تمت بها الخمسون مثلا، فهناك بعض الاختلاف بين الفترتين ...

وهو فيما يخيل إلي اختلاف في التلوين أو في التمكين، وليس اختلافا في جوهر الموضوع ومادة القدرة والشعور.

ومثال ذلك أنني قد زادت قدرتي على البحث والدراسة، ونقصت قدرتي على مواصلة الكتابة والقراءة، ولكنني عوضت هذا النقص بازدياد المرانة على الكتابة، وازدياد الخبرة بالتقاط أصعب الفوائد من أيسر القراءات ...

زادت حماستي لما أعتقد من الآراء، ونقصت حدتي في المخاصمة عليها؛ لقلة المبالاة بإقناع من لا يذعن للرأي والدليل ...

Unknown page