والعمل الكثير مستطاع إذا نيط كل عمل بوقته؛ لأن حكم الأعمال الكثيرة في هذه الحالة حكم العمل الواحد ... ما دام له وقت لا يشترك فيه عمل آخر، وشعاري مع النظام كلمتان: «لا ترتبك» ...
وإنما تأتي الربكة من المفاجأة التي تطرأ على نظامك فتلجئك إلى تغييره ...
فلا تغير نظاما لغيرة ضرورة ...
وإذا حلت الضرورة فلا تتردد في تغييره، وخذ بين ذلك بالمهم في وقته الذي لا يحتمل التأجيل ... •••
فصواب هذه الخطة ثابت من جانب لا شك فيه، وهي أنها كل ما يستطاع وخير ما يستطاع، وإنك بها تعمل شيئا، وبالتردد لا تنتهي إلى عمل شيء ...
فلسفة حياة في بضعة سطور: غناك في نفسك، وقيمتك في عملك، وبواعثك أحرى بالعناية من غاياتك، ولا تنتظر من الناس كثيرا ... (5) الحياة ... هل هي جديرة بأن نحياها؟
نعم ... ولكن أي حياة؟ ... لقد عاب القرآن الكريم على بني إسرائيل في عهد النبي خوفهم من الموت، فقال: إنهم أحرص الناس على «حياة»، ولم يقل على الحياة ... لأن الحرص على الحياة واجب طبيعي وواجب إلهي لا عيب فيه، فلا يلام الحي على أن يحرص على الحياة ... وإنما يلام لأنه يحرص على كل حياة وأي حياة، ولو قبل الهوان، وهرب من الواجب، وامتنعت عليه وسائل العمل النافع، ووسائل الرجاء في صلاح الأمور ...
وفي ختام مقال لي عن «فلسفة الحياة» قلت ما معناه: إن الحياة تستحق أن نصونها إذا كانت لنا شروط نمليها عليها وتقبلها، ولكنها غير جديرة بالصون إذا كانت كلها شروطا تمليها هي علينا فنقبلها صاغرين، ولا نملك العرف والعدل فيها ...
وهذا هو الفاصل الحاسم الذي نفرق به بين الحياة الكريمة والحياة المهينة، والحياة الأولى نعمة تصان، والثانية سخرة وسخرية في آن ... ومن الأمثلة التي يتضح بها هذا الفارق مثال الحياة في الشباب المقبل والحياة في الشيخوخة الفانية، فالشاب له أن يأكل ويشرب وينعم ويطرب، وعلى الحياة أن تديم له الصحة والنشاط والقدرة على هضم كل طعام، واحتمال كل شراب، والإعراض حينا بعد حين عن المنام ...
له أن يسرف، وعلى الحياة أن تعوضه تعويضا كاملا عن كل خسارة تصيبه من ذلك الإسراف.
Unknown page