Hadith Proverbs Narrated from the Prophet ﷺ
أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ
Investigator
أحمد عبد الفتاح تمام
Publisher
مؤسسة الكتب الثقافية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1409 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
٣ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ⦗١٤⦘ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ سُورٌ فِيهِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى تِلْكَ الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ وَلَا تَعْوَجُّوا، وَمِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يُنَادِي، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّتُورُ حُدُودُ اللَّهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ، وَالدَّاعِي الْقُرْآنُ، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقٍ وَاعِظُ اللَّهِ" قَالَ لَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ: الصِّرَاطُ: الطَّرِيقُ، وَالسُّوَرُ: الْحَائِطُ، يُقَالُ: سُرْتُ الْحَائِطَ وَتَسَوَّرْتُهُ إِذَا صِرْتُ فِي أَعْلَاهُ، وَجَنْبَتَا الصِّرَاطِ: نَاحِيَتَاهُ، وَالْجَمْعُ جَنَبَاتٍ، وَالْحَدُّ: الْمِقْدَارُ، وَالتَّنَاهِي الْمَمْنُوعُ مِنْ تَجَاوُزِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: ٢٢٩] وَأَصْلُ الْحَدِّ: الْمَنْعُ، وَمِنْهُ ضَرْبُ الْحَدِّ، وَهُوَ عَدَدٌ وَمِقْدَارٌ مَنَعَ اللَّهُ مِنْ تُجَاوُزِهِ، وَحُدُودُ الدَّارِ هُوَ الْمِقْدَارُ ⦗١٥⦘ وَالتَّنَاهِي الَّذِي لَا يَتَجَاوَزُهَا صَاحِبُ الدَّارِ، وَيُسَمَّى الْبَوَّابُ حَدَّادًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الدُّخُولِ، وَتَقُولُ: دُونَ ذَلِكَ الْأَمْرِ حَدَدٌ أَيْ مَانِعٌ قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ نُفَيْلٍ:
[البحر البسيط]
سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَانًا نَعُوذُ بِهِ ... فَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجُمُدُ
لَا تعْبُدُنَّ إِلَهًا غَيْرَ خَالِقِكُمْ ... وَإِنْ دُعِيتُمْ فَقُولُوا دُونَهُ حَدَدُ
وَهَذَا مَثَلٌ فِي وُضُوحِ الْحَقِّ وَظُهُورِ مَعَالِمِ الْإِسْلَامِ لِمَنْ أَرَادَ قَصْدَهَا، وَعَدَلَ عَنْ طَرِيقِ الشُّبَهِ وَالرِّيَبِ مُفَارِقًا لَهَا، وَبَيَانُهُ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَتَرْنَ مِنْهُ، وَأَعْرَضْنَ عَنْهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى فَيُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، وَلِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَحِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ» قَالَ لَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ: الْحِمَى: الْمَكَانُ الْمُعْشِبُ الَّذِي يَمْنَعُ مَالِكُهُ مِنْ تَطَرُّقِهِ وَقَوْلُهُ: فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَتَرْنَ مِنْهُ وَأَعْرَضْنَ عَنْهُ: تَمْثِيلٌ، وَمَعْنَاهُ تَرْكُ الْإِنْسَانِ مَا يَرِيبُهُ إِلَى مَا لَا يَرِيبُهُ، وَجَعَلَ الْفِعْلَ لِلشَّبَهِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
وَفَارَقَنِي قَرِينُ السَّوْءِ لَمَّا ... رَأَيْتُ الرُّشْدَ فَارَقْتُ الْقَرِينَا
أَرَادَ جَهْلَ الشَّبَابِ، فَأَوْجَبَ لَهُ الْفِعْلَ فِي حَالٍ وَلِنَفْسِهِ فِي حَالٍ، وَالْجَهْلُ لَا فِعْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا الْفِعْلُ لِلْجَاهِلِ
1 / 13