خذ مكانك بيننا يا أبت واسترح إلينا من همومك، فها هنا الرحمة قد بسطت جناحيها: ها هنا الأم والبنت. (الملك يضع جبينه على كتف بثينة باكيا)
بثينة (باكية) :
هون عليك يا أبت، وتجمل أيها الملك فقبلك لم تبك الآساد، ولا اشتكت الأطواد، ولا ضاق البحر عن الأعاصير الشداد. تحدث إلينا يا أبت ولا تيأس من روح الله. وعليك بهذه الجدة الشفيقة والأم البرة فائتمنها على سرك.
الملك :
الملك ألفونس منذ سقطت طليطلة وقضاها الله له، أصبح لا يعرف لي منزلة ولا يألوني تحقيرا وإهانة، ويطلب المال باستكلاب وشره، والبلاد باستطالة ولؤم، ومن عجيب أمره أنه يغضب من جهة فيصخب ويهدد، ويلين من أخرى فيلومني على الاستغاثة بيوسف بن تاشفين واستنجاد جنوده، ويدعي الطاغية أنه أوفى لي منه عهدا وذمة، وأصفى صداقة ومودة، وأنني إن حالفت سلطان المغرب كانت محالفة الذئب للحمل، وأن بربر المغرب إذا دخلوا الأندلس طغوا في البلاد وهدموا بنيان الحضارة فيها، ومن نكد الدنيا أن تصدق فينا نبوءة هذا الناصح الغاش، فقد طمع ضيفنا ابن تاشفين في ملكنا وسلطاننا، وتطلعت نفسه إلى خيراتنا وأرزاقنا، واستنصرناه على ألفونس فإذا نحن الآن نخشى منه بطش النصير، وإذا إشبيلية قد تضمنت مني ومنه العجب؛ النمر في قصر هناك وراء الضفة يجتمع به أعدائي وأعداء الأندلس من أبنائه الأندلسيين وصغار العقول من الفقهاء ومن يلتف عليهم، وهؤلاء يحسنون له البقاء في الأندلس واغتنام الفرصة لضمه إلى سلطته، ويقيمون عنده الحجج على فساد ملوك الطوائف ويحملونني الهدف الأول. وهنا في هذا القصر أسد مقلم الأظفار مغلوب على العرين وحيد من الأنصار والأعوان.
الحاجب :
شيخ يدعى ابن حيون بالباب يا مولاي.
بثينة :
أدخله يا أبي وبالغ في إكرامه، فقد سلف للرجل إحسان إلينا لا ينبغي لنا أن ننساه أبد الدهر.
الملك :
Unknown page