Amālī Ibn al-Ḥājib
أمالي ابن الحاجب
Investigator
د. فخر صالح سليمان قدارة
Publisher
دار عمار - الأردن
Publisher Location
دار الجيل - بيروت
Genres
إنما عدي بـ (عن) لما في المخالفة من معنى التباعد والحيد، كأن المعنى: الذين يحيدون عن أمره بالمخالفة، فكان الإتيان بـ (عن) أبلغ للتنبيه على هذا الغرض لما فيه من ذكر المخالفة من التنبيه على البعد والحيد مما لا ينبغي للعاقل ذلك فيه (١). وقد استدل به على أن الأمر يقتضي الوجوب لما تضمنته الآية من الوعيد على المخالفة، وهو لازم الوجوب. فإن قلت: الآية متضمنة الأمر بالحذر لمن يخالف، وحذر المخالف العذاب لا يفيده بعد المخالفة لحصول السبب المقتضي له، وقبلها لا يحذر عذابًا. قلت: هو على أحد وجهين: أحدهما: أن المحذر منه في المعنى المخالفة، ولكن لما كان لأجل مسببها جعل مسببها كأنه المحذر منه. والثاني: أن يكون المعنى: فليحذر الذين وقعت منهم المخالفة ذلك فيستدركوا ما فعلوه بالتوبة والرجوع إلى الله، فيكون ذلك سببًا لدفع العذاب عنهم. والله أعلم بالصواب.
[إملاء ١١٩] (*)
[عطف الإخبار بالحال على الإخبار بالماضي]
وقال أيضًا ممليًا بدمشق سنة أربع وعشرين على قوله تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورئاء الناس ويصدون﴾ (٢):
يحتمل وجهين: أحدهما: أن يراد أن الخروج كان واقعًا والصد كان حالهم حينئذ، فأخبر عن كل بما هو صالح له، فلما كان الخروج ماضيًا أخبر عنه بالماضي ولما كان الصد حالًا أخبر عنه بالحال، أي: الذين حصل منهم الخروج وهم الآن صادون. الثاني: أن يكون الصد أيضًا كان في المضي، وإنما
(١) ونقل القرطبي عن أبي عبيدة والأخفش أن (عن) في هذه الآية زائدة. الجامع لأحكام القرآن. ١٢/ ٣٢٣.
(٢) الأنفال: ٤٧.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع، ١٢٠
1 / 268