431

أخبرنا أبو الحسين علي بن إسماعيل الفقيه رحمه الله، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، قال: أخبرنا محمد بن علي بن خلف، قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن محمد بن ربيعة القرشي، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه: أن عليا عليه السلام سمع رجلا يذم الدنيا، فأطنب في ذمها، فصرخ به علي عليه السلام، فقال: هلم أيها الذام للدنيا، فلما أتاه، قال له علي عليه السلام: أيها الذام للدنيا ويحك لم تذمها أنت المجترم عليه، أم هي المجترمة عليك؟ فقال: بل أنا المجترم عليها يا أمير المؤمنين. قال: ويحك فيم تذمها؟ أليست منزل صدق لمن صدقها، ودار غناء لمن تزود منها، ودار عاقبة لمن فهم عنها ، مسجد أحباء الله عز وجل، ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها، ونادت بانقطاعها، ومثلت ببلائها البلاء، وشوقت بسرورها إلى السرور، راحت بفجيعة، وابتكرت بعافية بتحذير وترغيب، وتخويف، فذمها رجال غداة الندامة، حدثتهم فلم يصدقوا، وذكرتهم فلم يذكروا، وحمدها آخرون ذكرتهم فذكروا، وحدثتهم فصدقوا، فأيها الذام للدنيا، المغتر بتغريرها، متى استذمت إليك؟ بل متى غرتك؟ أبمضاجع آبائك من البلاء، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى، كم عللت بيديك، وكم مرضت بكفيك، تلتمس له الشفاء، وتستوصف له الأطباء، لم تنفعه شفاعتك، ولم تغن عنه طلبتك، مثلت لك ويحك الدنيا مضجعة مضجعك حين لا يغني بكاؤك، ولا ينفع أحباؤك.

Page 131