417

فما برحوا مكانهم حتى تدقفت السماء بعزاليها وفاضت لأودية بمائها، فقام إليه أشياخ قريش، وأجلتها يتمسحون به، ويقولون: هنيئا لك أبا البطحاء.

أخبرنا أبوالعباس أحمد بن إبراهم الحسني رحمه الله، قال: أخبرنا محمد بن جعفر الفردائي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه،

عن جده عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( يبعث عبدالمطلب يوم القيامة أمة وحده، قال: وكان لا يستقسم بالأزلام، ولا يعبد الأصنام، ويقول: أنا على دين إبراهيم )) .وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن عبدالملطب سن خمسا من السنن أجراها الله في الإسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء، فأنزل الله تعالى قرآنا {ولا تنكحوا ما نكح آباءكم من النساء}. وسن الدية في القتل مائة من الإبل، فجرت في الإسلام. وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ثم يقف على باب الكعبة فيحمد الله عز وجل ويثني عليه. وكانت قريش تطوف كما شاءت، قل أو كثر، فسن عبدالمطلب سبعة سبعة، فجرى ذلك في الإسلام. ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وتصدق به، فجرى ذلك فيي الإسلام. ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج، فأنزل الله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله} ))(1).

روى أبوالحسن علي بن مهدي الطبري:

أن رؤساء المشركين لما رأوا ذب أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، اجتمعوا إليه، وقالوا: جئناك بفتى قيش جمالا وجودا وشهامة: عمارة بن الوليد ندفعه إليك، يكون نصره وميراثه لك، وتدفع إلينا ابن أخيك الذي فرق جماعنا، وسفه أحلامنا فنقتله. فقال أبو طالب: والله ما أنصفتموني تعطوني إبنكم، فأغذوه، وأعطيكم ابني فتقتلونه، بل فليأت كل رجل منكم بولده فأقتله، فيئسوا منه وهموا باغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمنعهم من ذلك أبو طالب وقال فيه:

منعنا الرسول رسول المليك ... ببيض تلألأ كلمح البروق

أذب وأحمي رسول المليك ... حماية حام عليه شفيق

Page 118